إعادة افتتاح سفارة الفلبين بالرباط.. بداية جديدة
المغرب والفلبين 50 سنة من الصداقة والتعاون (1975-2025)

أقام المغرب والفلبين علاقات دبلوماسية في الـ 10 أبريل عام 1975.عام 1962. ومنذ تأسيس تلك العلاقات، والبلدان يعملان على توطيد أواصر الصداقة والتفاهم والتعاون بينهما في مختلف المجالات.
في خطوة تاريخية، أعيد افتتاح السفارة الفلبينية في الرباط بعد إغلاق دام قرابة 30 عامًا، مما يمثل بداية عصر جديد في العلاقات بين الفلبين والمغرب.
وتم إغلاق السفارة الفلبينية في المغرب عام 1986، بعد “ثورة سلطة الشعب” التي أنهت حكم فرديناند ماركوس الذي دام عقدين. وأعيد افتتاحها عام 1989 لكنها أُغلقت مرة أخرى عام 1993. بسبب صعوبات مالية.
وفي عام 2019، أعلنت حكومة الفلبين بقيادة الرئيس رودريغو دوتيرتي ووزير الخارجية حينها تيودورو لوكسين جونيور عن خطط لإعادة افتتاح السفارة في الرباط ضمن خطة توسع دبلوماسي شاملة. ولكن تم تأخير ذلك بسبب جائحة كوفيد-19. ليتم افتتاح السفارة الفلبينية رسميًا في 12 يونيو 2021، تزامنًا مع الذكرى الـ123 لاستقلال الفلبين وهي لحظة تاريخية في إحياء العلاقات مع المغرب. بينما افتتحت سفارة المملكة المغربية في مانيلا في يناير 2017
إطلاق مسابقة لاختيار الشعار الرسمي “50 سنة من العلاقات الفلبينية المغربية”
خلال شهر يناير من سنة 2023 أعلن سفير جمهورية الفلبين بالرباط، السيد ليسلي باجا، أن سفارتي المغرب بمانيلا والفلبين بالرباط تنظمان، بشكل مشترك، مسابقة لتصميم شعار (لوغو) خاص بالذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وكان الموضوع الرئيسي لهذه المبادرة المشتركة للسفارتين هو”50 عاما من العلاقات بين الفلبين والمغرب”.
وبتاريخ الثلاثاء 19 شتنبر 2023 قام سفير المغرب لدى الفلبين، محمد رضا الفاسي، بالعاصمة مانيلا، على هامش مهرجان “المغرب، مملكة النور” بتسليم الجائزة لمصمم الشعار (لوغو) الفائز الذي صممه الفنان الفلبيني جون أتديو بيرميجو، والذي يتكون من النسر الفلبيني “هاريبون” والأسد المغربي “البربري” اللذين يشكلان صورة “50”. ويُعرف النسر بـ “سيد السماء” والأسد بـ “سيد الأرض”. الذين يرمزان إلى القوة والشجاعة والسلطة.
وتعكس العناصر والألوان الزاهية المستخدمة في تصميم الشعار ألوان علمي البلدين، في حين تمثّل الأعلام الذهبية في الأعلى الاحتفال بالذكرى الذهبية للشراكة الدبلوماسية بينهما.
بالإضافة إلى الصورتين موجهتان للأمام والعينان متوازيتان أفقيا لتوضيح فكرة الانسجام لتحقيق الأهداف المفيدة لكلا البلدين.
وقد شكلت هذه المبادرة المشتركة فرصة للتعريف بدينامية العلاقات التي تجمع البلدين، والتي تعكس مناخا وديا مثمرا يترجم تميز العلاقات الثنائية.
الاستعداد للاحتفال بالذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية
يستعد المغرب والفلبين إلى تنظيم العديد من الأنشطة للاحتفال باليوبيل الذهبي لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين خلال أبريل الجاري.
ففي كلمته، بمناسبة حفل الاستقبال بمناسبة الذكرى الـ126 لإعلان استقلال الفلبين، الذي نظمته السفارة الفلبينية في الرباط يوم 6 يونيو 2024 في مقر إقامة سعادة السفير ليزلي باجا إلى أن الفلبين والمغرب سيحتفلان بالذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما في عام 2025، وأكد التزام بلاده بمواصلة تعزيز علاقاتها مع المملكة، معربًا عن تقدير الفلبين العميق للصداقة والشراكة مع المغرب.
إصدار طوابع بريدية مشتركة بمناسبة الذكرى ال50 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين
احتفالا بالذكرى الخمسين لإقامة العلاقات بين البلدين تم يوم الأربعاء 10 أبريل 2025 إطلاق طوابع تذكارية مشتركة تُظهر مطار مراكش-المنارة الدولي ومطار ماكتان-سيبو الدولي في بادرة رمزية تعكس تطور العلاقات الثنائية.
وقد تم الكشف عن الطوابع في 9 أبريل خلال حفل أُقيم في متحف البريد المغربي “متحف بريد المغرب” في الرباط، وذلك قبيل الذكرى الرسمية التي تصادف 10 أبريل.
وتأتي هذه المبادرة نتيجة تعاون بين “بريد المغرب”. وشركة البريد الفلبيني.
وقال السفير الفلبيني لدى المغرب، ليزلي باجا:”يمثل هذا إنجازًا مهمًا تميّز بعدد من النجاحات لبلدين يتشاركان رؤية مشتركة للسلام والازدهار”.
وأشار باجا إلى نمو العلاقات الثنائية خلال العقد الماضي، لافتًا إلى أن اختيار المطارات يُجسد زيادة في الترابط والتعاون بين البلدين.
من جانبه، وصف المدير العام لبريد المغرب، أمين بنجلون التويمي، الإصدار المشترك بأنه “تجسيد للقيم المشتركة المتمثلة في التعاون والاحترام المتبادل والانفتاح على العالم”.
وأضاف أن هذا الإصدار التذكاري يؤكد الدور الذي تلعبه الطوابع البريدية في تعزيز التفاهم الدولي والحفاظ على الذاكرة الثقافية.
ومن المقرر عقد فعالية إطلاق ثانية في العاصمة الفلبينية مانيلا في وقت لاحق من هذا الشهر، حيث ستُعرض النسخة الفلبينية من الطوابع رسميًا من قبل شركة البريد الفلبيني.
المغرب والفلبين… نحو تعزيز التعاون واستكشاف آفاق جديدة للشراكة
تبادل صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، والرئيس الفلبيني فخامة السيد فرديناند روموالديز ماركوس جونيور برقيتي تهنئة بمناسبة حلول الذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة المغربية وجمهورية الفلبين.
وجاء في برقية جلالة الملك ” لقد جسدت هذه الأواصر على مدار العقود الخمسة المنصرمة نموذجا لعلاقات ثنائية قائمة على أسس قوية من الاحترام المتبادل والتعاون البناء”.
وأبرز جلالته أن العلاقات الثنائية أثمرت عن نتائج إيجابية وملموسة في عدة مجالات، مما يعكس عمق وشائج الصداقة الحقة والتفاهم التي تجمع بين البلدين.
وأكد جلالة الملك للرئيس الفلبيني التزام المملكة المغربية بمواصلة العمل سويا لتعزيز أواصر التعاون، واستكشاف آفاق جديدة للشراكة، بهدف إعطاء هذه العلاقات زخما ودينامية جديدين، يمكنان من الارتقاء بها لمستوى الطموحات المشتركة، وكذا المساهمة في ترسيخ السلام والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي.
كما عبر جلالته عن تطلعه إلى تطوير التعاون والتنسيق بين المملكة المغربية وجمهورية الفلبين، آملا أن تشهد الشراكة بين البلدين مزيدا من المتانة والتوسع في مختلف المجالات خلال السنوات المقبلة، مما سيعود بالنفع العميم على الشعبين الصديقين.
وجدد صاحب الجلالة الملك محمد السادس خالص التهاني مشفوعة بمتمنيات جلالته بموفور الصحة والهناء للسيد ماركوس جونيور، وللشعب الفلبيني الصديق بمزيد التقدم والرخاء.
من جانبه، بعث الرئيس الفلبيني بأحر التهاني إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس، مؤكداً التزامه بتعزيز التعاون بين البلدين، بمناسبة حلول الذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، معربا عن متمنياته لجلالة الملك، باسم الحكومة والشعب الفلبينيين، بموفور الصحة والازدهار. وفي رسالته وصف الرئيس الفلبيني هذه الذكرى بأنها “محطة مهمة” في علاقات البلدين تمكن ليس فقط من الوقوف على الإنجازات التي تحققت خلال العشريات الخمس الأخيرة، بل أيضا تحديد السبل من أجل توجيه مسار الشراكة الثنائية نحو النمو والازدهار المتبادل خلال الخمسين سنة المقبلة.
وشدد على أن فتح سفارتين في عاصمتي البلدين شكل تطورا هاما في العلاقات الثنائية.
وجدد ماركوس التزام مانيلا بتعميق التعاون مع الرباط في مجالات ذات الاهتمام المشترك، لما يعود بالنفع على البلدين، لا سيما تعزيز التبادل بين الشعبين وزيادة التعاون التجاري والاستثماري.
فرص استثمارية واعدة بين البلدين
شهدت التبادلات التجارية بين الفلبين والمغرب نموا ملحوظا، ففي عام 2024، بلغت صادرات المغرب إلى الفلبين نحو 14.2 مليون دولار، بينما صدّرت الفلبين إلى المغرب ما قيمته حوالي 45.5 مليون دولار.
وتشمل صادرات المغرب الرئيسية: الملح والكبريت والأرض والأسمنت (10.87 مليون دولار)، إضافة إلى الأدوية والأسماك والبلاستيك والأثاث.
أما الفلبين، فتُصدر إلى المغرب أساسًا الآلات الكهربائية، والمركبات وقطع الغيار، والأسمدة، والملابس، والمواد الكيميائية غير العضوية.
ويُظهر الفائض التجاري لصالح الفلبين علاقة تصدير قوية وفرصًا متنامية للمستثمرين المغاربة في السوق الفلبيني. كما أن رجال الأعمال في الفلبين يبدون اهتمامهم بالفرص الاستثمارية التي يوفرها السوق المغربي، خصوصاً في قطاعات مثل الصناعات الفلاحية، والبنية التحتية، والتكنولوجيا الزراعية، التي تُعتبر من ركائز الاقتصاد الفلبيني.
فالفرص الاستثمارية واعدة يحتاج الطرفين إلى استكشافها بشكل أعمق لتطوير العلاقات الثنائية و مواصلة العمل معًا وإتاحة الفرصة لرجال الأعمال الفلبينيين والمغاربة لتعزيز شراكة أكثر وعدًا.
إن جمهورية الفلبين فاعل أساسي في منطقة جنوب شرق آسيا، ويمكنها أن تكون شريكا قويا للمغرب في هذه المنطقة.
فمنح رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) مؤخرًا المغرب صفة شريك حوار قطاعي سيسهم في تعزيز علاقات المغرب مع المنطقة، مما يتيح له الوصول إلى خامس أكبر اقتصاد في العالم.
دعم الوحدة الترابية للبلدين
لطالما دافع البلدان عن مبادئ السيادة، وعدم التدخل، واحترام الحدود الوطنية.
وخلال زيارة وزير الخارجية الفلبيني تيودورو لوكسين جونيور إلى المغرب في مارس 2022، أعرب عن دعم بلاده لسيادة المملكة ووحدة أراضيها، واصفًا خطة الحكم الذاتي بأنها “أساسا متينا” لحل النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.
ربط الجسور الثقافية بين الفلبين والمغـرب
مع وجود نظام إعفاء من التأشيرات بين البلدين، أعربت الفلبين عن اهتمامها بتوسيع التعاون الثقافي مع المغرب، خاصة مع اقتراب الذكرى الخمسين للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وفي هذا الإطار تعتزم السفارة الفلبينية بالرباط تنظيم مجموعة من الأنشطة لتعزيز الوعي بالثقافة الفلبينية في المغرب.إضافة إلى تبادل الأنشطة الثقافية ذات اهتمام مشترك بين البلدين بالتنسيق مع السفارة المغربية في الفلبين.
كما تولي السفارة الفلبينية في الرباط اهتمامًا خاصًا بتعزيز العلاقات والتعاون بين المؤسسات التعليمية المغربية والفلبينية لتعميق التبادل الثقافي بين الشعبين. وفي هذا الإطار تربط بعض الجامعات المغربية والفلبينية مذكرات تفاهم تهم تبادل الطلبة والأساتذة، يمكنها إنجاز أبحاث علمية مشتركة.
كما تلعب الجالية الفلبينية المقيمة بالمغرب، والتي في تزايد مستمر، دوراً مهما في تقريب الشعبين وتعزيز التفاهم والحوار الثقافي بين الطرفين.
ومن المتوقع أن تشهد العلاقات الثقافية بين البلدين خلال السنوات المقبلة مزيدا من النمو والتطور خاصة بعد إعلان نية البلدين دراسة إمكانية فتح خطوط جوية مباشرة بينهما.
إن الاحتفال بالذكرى 50 لتأسيس العلاقات بين المغرب والفلبين (1975-2025م)، مُناسبة لقراءة إنجازات البلدين واستشراف المستقبل الذي يوحي بازدهار العلاقات الثنائية، رغم البعد الجغرافي بين البلدين، إلا أن جهود البلدين في تعزيز التعاون بينهما من خلال توقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية في مختلف المجالات، و تنظيم برامج ثقافية مشتركة والمشاركة الفاعلة لكل للبلدين في مختلف المنظمات الدولية، يفتح آفاقا واسعة لبعضهما البعض في منطقتيهما، فجمهورية الفلبين يمكن تكون جسرا لحضور قوي للمملكة المغربية في إطار علاقتها المتطورة مع رابطة دول جنوب شرق آسيا(آسيان)، كما يمكن للمغرب أن يكون منطلقا لحضور اقتصادي قوي للفلبين في القارة الإفريقية. فالمغرب والفلبين لديهما مصالح مشتركة وإمكانات كبيرة لمزيد من تنمية العلاقات الثنائية في مختلف المجالات.