بودرهم يوسف يكتب : القرار الأممي رقم 2797، إنتصار للحكمة على العبث، والدبلوماسية على الوهم.

طوال حياتي وأنا أستشهد بغاندي كرمز للنضال السلمي في معناه الإنساني الرفيع، غير أنني لأول مرة أستشعر عمق هذا المعنى وأنا أُصغي لخطاب جلالته نصره الله، بما حمله من حكمة هادئة وقوة دبلوماسية إصلاحية راقية أعادت تعريف النضال السلمي كخيار حضاري يرمي إلى تحقيق المكاسب للمواطن المغربي وصون الشرعية الجغرافية للوطن، في انسجام تام بين الكرامة الوطنية والمسؤولية الجماعية، لنؤكد أننا أمام ميلاد زعيم تاريخي جديد، أسس لمفهوم متفردٍ للسلام والجوار القائم على اليد الممدودة والاحترام المتبادل.
ومن هنا يمكن القول إننا اليوم أمام محطات تاريخية مفصلية تتجسد في النقطة التالية:
1) مجهود دبلوماسي مستمر:
في يوم تاريخي مشهود، يحتفل المغرب بصدور القرار الأممي رقم 2797 عن مجلس الأمن الدولي، قرار يُعد ثمرة عقود من النضال الدبلوماسي الحكيم والعمل الدؤوب الذي قادته المملكة المغربية بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
هذا القرار 2797، ليس مجرد رقم في سجلات الأمم المتحدة، بل هو وثيقة تاريخية تُكرس الشرعية الدولية للموقف المغربي، وتؤكد بوضوح أنه لا وجود لحل واقعي وعادل ومستدام لهذا النزاع الإقليمي المفتعل إلا من خلال مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
وبالتالي، هو تتويج لرؤية استراتيجية عميقة ومسار طويل من العمل الدبلوماسي الإنساني الذي جعل من المغرب نموذج إقليمي يُحتذى به في الدفاع عن السيادة الوطنية بالحوار والحكمة.
2)الفتح المبين، وحدة الوطن والشعب:
إن هذا القرار الأممي يمثل فتح مبين في تاريخ المغرب المعاصر، فتح يجعل المملكة لحمة واحدة من طنجة إلى الكويرة، فكما كان الفتح المبين في التاريخ الإسلامي نصر عظيم وحاسم بلا سفك للدماء في عهد رسولنا الحبيب، الأمين، الكريم، …، محمد صلى الله عليه عليه وسلم، فإن هذا الإنجاز الدبلوماسي يمثل انتصار جديد للحكمة على العنف، وللحوار على المواجهة، وللشرعية على الادعاءات الباطلة، في عهد ملكنا الكريم، محمد السادس نصر الله.
3) استراتيجية الحكمة والصبر:
لقد أرسى صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، منذ توليه مسؤوليات العرش، منهجسة دبلوماسية حكيمة، تقوم على مبادئ راسخة:
– الدبلوماسية الهادئة والفعالة؛
لم يكن المسار بسيط أو سهل، لكن الرؤية الملكية السامية كانت واضحة، من خلال العمل الدبلوماسي المتواصل، والحوار البناء، كسب الأصدقاء بالحجة والمنطق والأخلاق، بعيدا عن منطق الصراعات العقيمة، بل بمنطق رابح رابح.
– منطق لا غالب ولا مغلوب؛
في عالم تسوده الصراعات والمواجهات، اختار المغرب بقيادة ملكنا الحكيم نهج التعاون والشراكة المستنيرة، ومد جلالته يد الصداقة للجميع، انطلاقاً من قناعة راسخة بأن القضايا العادلة لا تُحل بالغلبة والصراع، بل بالحوار والتفاهم، بمنطق رابح-رابح الذي يحفظ كرامة الجميع ويحقق المصالح المشتركة.
_ الصبر الاستراتيجي؛
لم تكن الرؤية الملكية ذات مدى قصير أو متوسط، أو مؤسسة على حلول آنية أو انتصارات إعلامية زائفة، بل كانت تؤسس لاستراتيجية طويلة المدى، تبني جسور الثقة مع المجتمع الدولي، وتُثبت للعالم أن المغرب دولة مسؤولة، شريك موثوق، وصاحب قضية عادلة.
4) الدبلوماسية المغربية، نموذج في الاحترافية:
على مدى عقود، عملت الدبلوماسية المغربية بتوجيهات ملكية سامية على بناء شبكة واسعة من العلاقات الدولية القوية، بحيث لم تكن الغاية كسب أصوات فقط في المحافل الدولية، بل كانت تؤسس على بناء شراكات حقيقية، قوامها الثقة والمصداقية، والتي عبر من خلالها المغرب، أنه كلما أخذ موقف إلا والتزم به، وهو الأمر الذي جعل التنمية المشتركة شيء واقعي من إفريقيا إلى أوروبا، ومن الأمريكتين إلى آسيا، في احترام تام للقانون الدولي، عبر الدافع عن مصلح الدولة بالحجة القانونية والتاريخية، مستنداً إلى الشرعية الدولية.
5) الصداقات الدولية، شراكات استراتيجية:
لا ننسى، كما أشار صاحب الجلالة في خطاباته السامية، أن الصداقات الدولية لعبت دورا محوريا في هذا النضال الإنساني والسيادي المشروع.
فالمغرب لم يكن وحيداً في معركته الدبلوماسية، بل كان محاطاً بأصدقاء حقيقيين آمنوا بعدالة قضيتنا الوطنية وهم:
-الأصدقاء الأفارقة؛
الذين عادوا إلى البيت الإفريقي المشترك، وأدركوا أن وحدة المغرب الترابية ليست تهديدا لهم، بل هي الضامن للاستقرار الإقليمي.
– الشركاء الأوروبيون والأمريكيون؛
الذين وقفوا مع الحق والمنطق، وأدركوا أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي هي الحل الواقعي والعادل.
-الأشقاء العرب والمسلمون؛
الذين لم يتخلوا عن المغرب في محنته، وظلوا سنداً له في المحافل الدولية.
6) البعد الإنساني والسيادي:
القضية المغربية ليست مجرد صراع حدودي أو نزاع سياسي، فهي قضية إنسانية بامتياز، لأن المواطن المغربي في الأقاليم الجنوبية عانى طويلاً من التشرد والحرمان بسبب صراع مفتع، إلا أن الرؤية الملكية الحكيمة جعلت من هذه الأقاليم نموذج للتنمية، عبر تشيد البنى التحتية، وافتتاح المدارس والمستشفيات، وأإطلق المشاريع الاقتصادية الكبرى.
هذا البعد الإنساني، الذي لم تغفل عنه الرؤية الملكية السامية، كان حجة دامغة أمام المجتمع الدولي.
“المغرب لا يريد فقط استرجاع أرضه، بل يريد تنمية شعبه وضمان كرامته أيضا”.
7) الشرعية السيادية المجالية عيد وطني جديد:
إن هذا القرار الأممي وهذا التاريخ اليوم، يستحق أن يخلد كعيد وطني، يوم تتذكر فيه الأجيال القادمة أن الحق ينتصر دائماً، وأن الصبر والحكمة أقوى من العنف والتطرف، وأن الدبلوماسية الراشدة تُحقق ما تعجز عنه الجيوش أحياناً.
نعم إنه يوم يجسد معاني الوحدة الوطنية، حيث يلتف الشعب المغربي بكل مكوناته حول قيادته الحكيمة، فخورين بهويتهم معتزين بسيادته، واثقين في مستقبلهم ومستقبل أبنائهم تحت السيادة الملكية العلوية الشريفة.
#أحبك_يا_وطني
الله، الوطن، الملك



