عدالة

تنزيل العقوبات البديلة بالمغرب.. بين فلسفة الإصلاح وتكريس العدالة الإنسانية

ابراهيم ادريسي

 

أصدر المجلس الأعلى للسلطة القضائية مؤخرا رسالة دورية موجهة إلى الرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف ورؤساء المحاكم الابتدائية، تتعلق بكيفية تنزيل قانون العقوبات البديلة رقم 43.22 ومراسيمه التطبيقية. هذه الرسالة جاءت لتوضح الجوانب العملية والإجرائية التي تضمن حسن تطبيق النصوص القانونية الجديدة على أرض الواقع.

وضوح في الصياغة وضبط للإجراءات

الرسالة الدورية شددت على أن منطوق الأحكام والمقررات التنفيذية المرتبطة بالعقوبات البديلة يجب أن يكون واضحا ودقيقا، يتضمن جميع البيانات الجوهرية: هوية المحكوم عليه، نوع العقوبة البديلة، مدتها، وكيفية تنفيذها. كما فصلت في تفاصيل مرتبطة بالغرامات اليومية، التدابير العلاجية أو التأهيلية، وآليات المراقبة، مع تحديد آجال دقيقة للتنفيذ لا تتجاوز ستة أشهر من صدور المقرر التنفيذي.

أهداف إنسانية وإصلاحية

ما يميز هذا الإصلاح أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية لم يكتفِ بإصدار القانون، بل عمل عبر هذه الرسالة على ضمان تنزيله بما يحقق فلسفته الحقيقية: الحد من الاكتظاظ داخل السجون، تخفيف الأعباء الاجتماعية على الأسر، وإعطاء المحكومين فرصة جديدة للاندماج في المجتمع من خلال برامج بديلة كالتكوين المهني، العلاج من الإدمان، أو أداء خدمات ذات نفع عام.

إدخال الفرحة إلى الأسر وتعزيز ثقة المجتمع

بفضل هذه المراسيم التطبيقية، لن تكون العقوبة دائما مرادفة للسجن، بل قد تتحول إلى تجربة إصلاحية تنعكس إيجابا على الفرد وعائلته. وهو ما يُدخل نوعا من الطمأنينة والفرحة إلى بيوت المحكومين في القضايا البسيطة، ويكرس العدالة كوسيلة لبناء مجتمع متوازن يدمج أبناءه بدل أن يقصيهم.

خطوة رائدة في تحديث العدالة الجنائية

يمكن القول إن الرسالة الدورية تشكل خارطة طريق عملية لتنزيل واحد من أهم القوانين الإصلاحية في السنوات الأخيرة، حيث تجمع بين دقة التوجيه القضائي ومرونة البدائل العقابية، في انسجام مع مبادئ العدالة الإنسانية والفعالية المجتمعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى