عمالة وجدة-أنجاد أمام فرصة تاريخية لإطلاق جيل جديد من التنمية الترابية المندمجة

ابراهيم ادريسي
تشهد عمالة وجدة-أنجاد مرحلة دقيقة تستدعي تفكيرًا استراتيجيًا جديدًا يعيد صياغة نموذجها التنموي في ضوء التحولات الوطنية التي تعيشها المملكة تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
وفي هذا السياق، تبدو المنطقة أمام فرصة تاريخية لإطلاق جيل جديد من برنامج التنمية الترابية المندمجة، كآلية لتجاوز مظاهر الهشاشة وتحويلها إلى قطب اقتصادي وخدماتي رائد، خصوصًا مع اقتراب افتتاح ميناء الناظور المتوسطي الذي سيشكّل رافعة قوية لجاذبية الاستثمار في الجهة الشرقية، ويفتح أمامها آفاقًا واعدة في مجالات التصنيع، اللوجستيك، والخدمات البحرية والتجارية، بما يسهم في خلق مناصب شغل جديدة للشباب والمهنيين المحليين.
رؤية مقترحة لأفق جديد من العدالة المجالية والتكامل الوطني
يقوم هذا التصور على أربعة محاور استراتيجية مترابطة، جميعها تركز على خلق فرص الشغل وتحفيز الاقتصاد المحلي:
– العدالة المجالية: عبر تحسين الخدمات الصحية والتعليمية ومحاربة الفقر والهشاشة في الوسط القروي، ما يفتح آفاقًا لخلق مناصب شغل في قطاع الخدمات الاجتماعية والتعليمية والصحية.
– الاستدامة البيئية: من خلال تدبير ندرة المياه، وتشجيع الطاقات المتجددة، وتثمين الموارد الطبيعية، ما يتيح فرص عمل في قطاعات الطاقة والبيئة والزراعة المستدامة.
– الاقتصاد المنتج: بجعل وجدة-أنجاد مركزًا للتصنيع والخدمات اللوجستيكية، مع تحفيز المقاولات الناشئة واستثمارات الجالية المغربية بالخارج، بما يعزز خلق مناصب شغل مباشرة وغير مباشرة في الصناعات والخدمات والاقتصاد التضامني.
– الحكامة التشاركية: بإحداث مرصد جهوي للتنمية يضمن الشفافية ويواكب تقييم الأثر، ما يسهم في خلق فرص عمل في مجال البحث والدراسات والمراقبة المؤسسية.
الالتقائية ركيزة للنجاح
نجاح أي ورش تنموي يعتمد على الالتقائية والتكامل بين مختلف البرامج الجهوية والوطنية، وعلى رأسها تلك التي أطلقها مجلس جهة الشرق، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وبرامج الحد من الفوارق المجالية. هذه الالتقائية تمثل الضمان الحقيقي لترشيد الموارد وتوحيد الجهود، بما يرفع من فرص تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، خصوصًا خلق مناصب الشغل للشباب والمهنيين المحليين.
آفاق جديدة في ظل التحولات الإقليمية
تعيش المنطقة الشرقية اليوم على إيقاع تحولات جيوسياسية مهمة، أبرزها الاحتمال المتزايد لفتح الحدود المغربية الجزائرية في ظل المعطيات السياسية الراهنة، ومساعي الولايات المتحدة لإعادة الدفء إلى العلاقات بين البلدين عبر مبادرات دبلوماسية محددة بسقف زمني قريب.
هذا المعطى، إن تحقق، سيحوّل وجدة-أنجاد إلى نقطة تلاقٍ اقتصادي وسياحي وثقافي بين البلدين، ويجعلها بوابة طبيعية للتبادل التجاري والتكامل الاقتصادي المغاربي، مع فرص كبيرة لخلق مناصب شغل في قطاع السياحة والخدمات الفندقية.
وفي هذا الإطار، تتطلب الرؤية التنموية المتبصرة إعداد الجهة لاستقبال آلاف الزوار والسياح الجزائريين المتوقع توافدهم، عبر تطوير البنية الفندقية، وتحسين جودة الخدمات السياحية، وإعادة تأهيل المآثر التاريخية والفضاءات الثقافية بالمدينة.
دور القيادة الجهوية في إنزال تصور متميز
لا يمكن الحديث عن هذه الرؤية دون الإشارة إلى الدور القيادي المتميز لوالي جهة الشرق وعامل عمالة وجدة أنجاد السيد الخطيب لهبيل، الذي يمتلك ذوقًا رفيعًا، خبرة ميدانية كبيرة، وروحًا إبداعية في صياغة البرامج التنموية. جهود السيد الخطيب لهبيل ستمكن لا شك من وضع تصور متكامل ومميز للبرنامج قبل نهاية ولايته بجهة الشرق و هو العارف بخبايا الامور بها، مع التركيز على خلق مناصب الشغل، تعزيز التنمية الاقتصادية، وتحسين جودة حياة السكان، ما يجعل هذا المشروع نموذجًا يحتذى به في التنمية الترابية المندمجة.
نحو عقد ترابي جديد لوجدة-أنجاد
الجيل المقترح من التنمية الترابية المندمجة ليس مجرد تصور إداري، بل هو مشروع استراتيجي إنساني يعيد توجيه البوصلة نحو المواطن باعتباره فاعلًا ومحورًا رئيسيًا في التنمية. ومع انخراط كل الفاعلين المؤسساتيين والمدنيين والاقتصاديين، يمكن لعمالة وجدة-أنجاد أن تنتقل من تنمية متوسطة المستوى إلى تنمية رائدة على المستوى الوطني، ومن منطقة انتظار إلى مختبر لنموذج جهوي جديد ينسجم مع الرؤية الملكية لمغرب متوازن، متكامل، ومنفتح على محيطه الإقليمي.



