رئيس النيابة العامة يؤكد بالدار البيضاء: المقاربة التشاركية مدخل أساسي لإنجاح ورش العقوبات البديلة

ابراهيم ادريسي
شهد فندق ماريوت بالدار البيضاء، صباح اليوم، افتتاح الندوة الجهوية حول موضوع “العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية: المقاربة التشاركية مفتاح أساسي لتطبيق أمثل للقانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة”، المنظمة بشراكة بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئاسة النيابة العامة، والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج.
وقد ألقى الكلمة الافتتاحية السيد أحمد والي علمي، رئيس قطب الدعوى العمومية وتتبع تنفيذ السياسة الجنائية، نيابةً عن السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، حيث أكد أن هذا اللقاء العلمي يأتي في سياق دخول القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة حيز التنفيذ، عقب نشر مرسومه التطبيقي في الجريدة الرسمية بتاريخ 18 غشت 2025.
تحول نوعي في السياسة الجنائية
وصف رئيس النيابة العامة القانون الجديد بأنه “نقلة نوعية في مفهوم العقوبة كجواب على الجريمة”، موضحًا أنه يكرس انتقال المنظومة العقابية من منطق الردع والعقاب إلى فلسفة الإصلاح والتهذيب، مع الحفاظ على مصالح الضحية ومتطلبات الأمن العام.
وأشار إلى أن القانون أقرّ أربع صيغ أساسية للعقوبات البديلة، هي: العمل لأجل المنفعة العامة، والمراقبة الإلكترونية، وتقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير علاجية أو تأهيلية، ثم الغرامة اليومية، معتبرًا أن هذه البدائل تتيح للمحكوم عليه فرصة البقاء في وسطه الاجتماعي الطبيعي والمساهمة في المجتمع بدل الانعزال عنه.
دور محوري للنيابة العامة في التفعيل
وأكد المتحدث أن النيابة العامة تضطلع بدور مركزي في تنزيل هذا الورش الإصلاحي، إذ يخول لها القانون صلاحية التماس العقوبة البديلة بدل الحبسية، وتيسير تنفيذها، وتتبعها إلى غاية اكتمالها، إضافةً إلى إمكانية اقتراح استبدال العقوبة السالبة للحرية بعقوبة بديلة بعد صدور الحكم النهائي.
وفي هذا الإطار، ذكّر بإصدار رئاسة النيابة العامة للدورية رقم 18/2024 بتاريخ 11 دجنبر 2024، التي وجهت إلى مختلف النيابات العامة بالمحاكم، والتي شددت على ضرورة التطبيق السليم والعادل للقانون. كما أشار إلى إعداد دليل استرشادي لقضاة النيابة العامة حول تنفيذ العقوبات البديلة، تم تعميمه في غشت الماضي ليشكل مرجعًا عمليًا موحدًا.
دعوة لتوحيد الفهم وتسريع وتيرة التنزيل
وخلال كلمته، أبرز السيد والي علمي أن التجربة الأولى لتطبيق القانون أظهرت تفاوتًا في وتيرة اعتماد العقوبات البديلة بين المحاكم، ما يتطلب مزيدًا من التنسيق وتوحيد الرؤية لدى مختلف المتدخلين.
كما دعا قضاة النيابة العامة إلى التحلي بروح المبادرة والإبداع في التماس العقوبات البديلة أثناء الجلسات، وإلى اقتراحها عند معاينة حالات داخل المؤسسات السجنية تستدعي ذلك، في إطار ما يتيحه قانون المسطرة الجنائية.

تجسيد للتكامل بين العدالة والإصلاح
وشدد رئيس النيابة العامة على أن نجاح هذا الورش يقتضي تنسيقًا وثيقًا بين السلطة القضائية والنظام الإصلاحي، مبرزًا أن الاجتماعات التنسيقية بين رئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية والمندوبية العامة لإدارة السجون متواصلة لتذليل العقبات العملية وضمان نجاعة التنفيذ.
واعتبر أن هذه الندوة الجهوية تشكل فرصة لتبادل الخبرات والتجارب بين مختلف الفاعلين، وتقديم أجوبة عملية للإشكالات القانونية والتنظيمية، ضمن مقاربة تشاركية تستحضر الأبعاد الإنسانية والحقوقية والاجتماعية، بما يعزز ثقة المجتمع في العدالة الجنائية.
التزام جماعي بإصلاح السياسة العقابية
وفي ختام كلمته، جدد رئيس النيابة العامة دعوته إلى مواصلة التعاون بين مختلف المؤسسات القضائية والإصلاحية، مؤكدًا أن “قياس مستوى تنزيل العقوبات البديلة هو معيار موضوعي لتقييم فعالية السياسة الجنائية الوطنية”.
كما عبّر عن امتنانه لكل الجهات التي ساهمت في تنظيم اللقاء، مؤكّدًا أن الإصلاح الحقيقي للعدالة الجنائية لن يتحقق إلا بروح تشاركية ومستمرة، في ظل القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.



