الجزائر تتخبط أمام حقيقة الصحراء المغربية تهيئ شعبها لتقبل خبر حسم المغرب لملف الصحراء بشكل نهائي

ابراهيم ادريسي
يبدو أن النظام الجزائري يعيش هذه الأيام حالة تخبط وارتباك واضحة، مع اقتراب صدور القرار الأممي الحاسم بشأن الصحراء المغربية، بعدما أدرك أن رهانَه الطويل على جبهة البوليساريو سقط سقوطا مدويا أمام إجماع دولي متنامٍ يقف إلى جانب المغرب ومقترحه الواقعي للحكم الذاتي.
صحيفة الخبر الجزائرية، المقربة من دوائر القرار، خرجت بتقرير يُلمّح إلى احتمال امتناع الجزائر عن التصويت على مشروع القرار الأممي المرتقب، في حال تضمّن نصوصًا تُكرّس السيادة المغربية على الإقليم دون الإشارة إلى خيار الاستفتاء. لكن خلف هذا “التحفّظ الدبلوماسي” تختبئ حقيقة واحدة لا يمكن إنكارها: الجزائر تُهيّئ شعبها لنتيجة محسومة مسبقًا، وهي انتصار المغرب على كل المستويات.
المشهد في أروقة الأمم المتحدة بات واضحًا. فالدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن — الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا، والصين — باتت متفقة على أن الوقت حان لإنهاء هذا النزاع بشكل نهائي قبل نهاية الشهر الجاري، على أساس المقترح المغربي للحكم الذاتي باعتباره الحل الوحيد القادر على تحقيق الاستقرار الدائم في المنطقة. حتى الدول التي كانت تتخذ مواقف رمادية، بدأت تميل بوضوح نحو دعم الرؤية المغربية، بعدما تبين أن خيار الاستفتاء لم يعد قابلًا للتطبيق لا قانونيًا ولا سياسيًا.
في المقابل، تواصل الجزائر دبلوماسية الهروب إلى الأمام، محاوِلة التغطية على فشلها بإطلاق تصريحات مبهمة أو عبر مقالات صحفية تحمل نبرة التبرير. فبدل أن تعترف بأن المشروع الانفصالي انتهى سياسيًا، تفضّل تهيئة الرأي العام الداخلي تدريجيًا لتقبّل القرار الأممي القادم، الذي سيعترف عمليًا بسيادة المغرب على كامل أقاليمه الجنوبية.
لقد راهن المغرب على الواقعية والعقلانية منذ طرحه مبادرة الحكم الذاتي عام 2007، واستثمر في تنمية أقاليمه الجنوبية وتثبيت الأمن والاستقرار بها، بينما أنفقت الجزائر مواردها على مشروع وهمي لا مستقبل له. واليوم، حين تقترب الأمم المتحدة من الحسم، تظهر النتائج واضحة: المغرب يكسب المعركة دبلوماسيًا وتنمويًا، والجزائر تخسرها سياسيًا وأخلاقيًا.
إن الموقف الدولي الحالي لا يترك مجالًا للشك، فالعالم يريد طي هذا الملف نهائيًا، والمجتمع الدولي اختار الواقعية المغربية على حساب أوهام الانفصال. ولعلّ ما تفعله الصحافة الجزائرية اليوم هو مجرد محاولة لتخفيف وقع الصدمة المقبلة على الرأي العام المحلي، الذي سيستيقظ قريبًا على قرار أممي يكرّس الانتصار المغربي المنتظر.
لقد انتهى زمن المناورات، وبدأ زمن الحسم. والمغرب، بثقته واستقراره ووحدته، يثبت مرة أخرى أنه الطرف الذي يسير بثبات نحو المستقبل، فيما لا تزال الجزائر أسيرة ماضيها وأخطائها السياسية.



