وجدة سباقة في تبني مقاربة جديدة لمعالجة ظاهرة الكلاب الضالة

ابراهيم ادريسي
في الوقت الذي يشهد فيه المغرب نقاشًا متصاعدًا حول سبل معالجة ظاهرة الكلاب الضالة، وما يترتب عنها من مخاطر صحية وأمنية، تبدو مدينة وجدة سباقة في اعتماد مقاربة جديدة قائمة على التعقيم والتجهيز بدل القتل، وهو ما يعكس تحولًا تدريجيًا في التعاطي مع هذا الملف الحساس.

فقد أعلن مجلس عمالة وجدة أنجاد عن إطلاق ثلاثة طلبات عروض بكلفة إجمالية تناهز 2 مليون درهم، تهم اقتناء شاحنات مجهزة بأقفاص، ومعدات خاصة بجمع الكلاب الضالة وحماية الفرق الميدانية، إضافة إلى تجهيز محجز بيطري بمعدات لإجراء عمليات التعقيم. وتوزعت هذه الصفقات بين:
معدات لجمع الكلاب وحماية الأعوان (حوالي 484 ألف درهم).
ثلاث شاحنات بأقفاص مخصصة للجمع (حوالي 999 ألف درهم).
تجهيز محجز بوسائل للتعقيم والتطبيب (أزيد من 376 ألف درهم).
هذه الخطوة تعكس انتقالًا نوعيًا في معالجة ظاهرة الكلاب الضالة بوجدة، حيث لم يعد الحل محصورًا في حملات القتل التقليدية، بل في مقاربة مستدامة تقوم على التعقيم، التلقيح، والرعاية البيطرية.

سياق وطني وضغوط دولية
هذا التوجه المحلي ينسجم مع مشروع القانون الذي أعلنت عنه الحكومة في يوليوز 2025، والمتعلق بـ”حماية الحيوانات الضالة والوقاية من أخطارها”. القانون المرتقب يجرّم قتل الكلاب الضالة أو تعذيبها، ويحدد عقوبات حبسية وغرامات مالية، مع التأكيد على اعتماد أساليب إنسانية لحماية المواطنين والحيوانات في آن واحد.
كما يأتي هذا التغيير في ظل ضغوط دولية مرتبطة بتنظيم كأس العالم 2030، حيث دعا نشطاء وهيئات حقوقية إلى وقف قتل الكلاب الضالة في المغرب، وتعويض ذلك ببرامج شاملة للتعقيم والتلقيح، حفاظًا على صورة البلد في المحافل الدولية.

وجدة كنموذج
من خلال هذه المبادرة، تقدم مدينة وجدة نفسها كـ”نموذج استباقي” لباقي المدن المغربية. فبينما ما تزال بعض الجماعات الترابية تعتمد حلولًا تقليدية، تسير وجدة بخطوات عملية نحو مقاربة إنسانية، منسجمة مع المعايير الدولية ومع التوجهات التشريعية الوطنية.
كما أن إنشاء محجز بيطري مجهز يعتبر نقلة نوعية، إذ سيوفر فضاءً مخصصًا للحيوانات الضالة، يسمح بمتابعتها طبيا وتهيئتها للتبني أو إعادة إدماجها في بيئتها بطريقة آمنة.

نحو سياسة عمومية جديدة
يبدو أن السلطات المغربية بدأت تعمم تعليمات تحث المسؤولين المحليين على التخلي عن القتل كحل رئيسي، مقابل اعتماد التعقيم والتلقيح. وإذا ما تم تعميم تجربة وجدة وتطويرها، فإن المغرب قد ينجح في صياغة سياسة عمومية متوازنة تحقق الأمن الصحي والاجتماعي للساكنة، وتحفظ في الوقت نفسه حقوق الحيوانات الضالة.




