7 سنوات لكريمين و6 سنوات للبدراوي: هل كُنس الفساد أم غُطِّيَت مجازر الكلاب والقطط؟

✍️مريم صباحي…. تكتب
مستشارة قانونية ورئيسة المنظمة الاجتماعية لحماية الحيوانات
في بلدٍ تتناسل فيه ملفات الفساد كما تتكاثر القوارض في الأحياء المهمشة، يأتي الحكم القضائي الصادر في حق محمد كريمين، البرلماني الاستقلالي والرئيس السابق لجماعة بوزنيقة، بالسجن 7 سنوات نافذة، ورفيقه في “التدبير السيء” البدراوي بـ6 سنوات، ليشكل لحظة فارقة في مسار العدالة، لكنها لحظة ما تزال محاطة بأسئلة الوجع والمفارقة.
قضية تدبير النظافة، التي يُفترض أن تمثل رمزية للكرامة البيئية والحضارية، انقلبت إلى جريمة في حق المال العام وكرامة المواطن والحيوان.
كيف تتحول صفقات جمع النفايات إلى نفايات في أخلاق التدبير؟ ومن يُحاسب على الدم المسكوب في الخفاء باسم “النظافة”؟
إن هذا الحكم – رغم أهميته – لا يكفي لتجفيف المستنقع. فالفساد لم يكن يوماً مسألة أفراد، بل هو بنيات موازية، شبكات حماية، وتواطؤات عميقة داخل الإدارات والمؤسسات. وهل ننسى أن المال الذي سُرق لم يكن فقط مالاً عاماً، بل مالاً كان يُفترض أن يُخصص لتحسين بيئة العيش، نظافة الشوارع، وصحة الأحياء؟ أم أننا اعتدنا على قذارة الواقع، كما اعتاد بعض المسؤولين على قذارة الفساد؟
وفي عمق هذا الملف، ثمة ضحايا لا تُحصى ولا تُرى: الكلاب والقطط الضالة، التي تم التنكيل بها في صمت مدوٍّ. فالفساد في صفقات النظافة لا يؤدي فقط إلى غياب الشفافية، بل يُفرغ الجماعات من وسائل الرحمة، ويدفعها نحو أبشع الأساليب: التسميم، القتل بالرصاص، الحرق، أو الدفن الجماعي. حين تُنهب الميزانيات، لا تعود برامج التعقيم (TNR) والطب البيطري سوى شعارات على ورق، ويُختزل “حل المشكل” في مجازر ليلية لا يعرف عنها المواطن شيئاً.
نعم، الحكم خطوة، لكن تطهير المرفق العمومي يتطلب نظاماً مزدوجاً: عدالة قضائية صارمة، وعدالة بيئية وإنسانية لا تقل صرامة.
علينا ألا ننسى أن العدالة لا تُقاس فقط بعدد السنوات التي يقضيها المسؤول الفاسد في السجن، بل بعدد الأرواح التي نُنقذها من القتل المجاني، سواء كانت بشرية أو حيوانية.
إنني، كمستشارة قانونية وناشطة في مجال حقوق الإنسان والحيوان، أقولها بوضوح:
ما لم نربط بين المال العام، والبيئة، والحياة، سيبقى الفساد يقتل من لا صوت لهم.