وجهات نظر

يونس المنصوري يكتب.. حكومة الزينة والمعاناة

حين نتحدث عن حكومة أخنوش، لا نتحدث عن مجرد إدارة، بل عن مسرحية طويلة تتغير فيها الوجوه والأسماء، لكن يظل المواطن ضحية صامتة. شعارات “الدولة الاجتماعية” ودعم المواطن وتحسين القدرة الشرائية كانت تتراقص على الورق، لكنها سرعان ما تبخرت أمام الواقع الملموس. المواطن المغربي يعيش يوميًا بين جيوب فارغة وأسعار ترتفع بوتيرة مخيفة، وحياة يومية تتحول إلى معاناة مستمرة، ومستقبل يبدو غامضًا ومجهولًا.

الاقتصاد تحت هذه الحكومة أصبح مرآة للفشل. السياسات الاقتصادية صبّت في صالح النخبة الكبرى، بينما المواطن الصغير يدفع الثمن: الديون تتصاعد، الممتلكات العمومية تُباع تحت مسمى التمويل المبتكر، الضرائب تثقل كاهل المواطن الصغير، بينما تُخفف على الأثرياء والأعيان، وسحب الضرائب من الحسابات أصبح إجراءً روتينياً. التضخم يلتهم القدرة الشرائية، المحروقات ترتفع يوميًا، المواد الأساسية محررة، اللحوم والفلاحة تتراجع، والأسعار تصل إلى مستويات خيالية. المغرب أصبح مستوردًا للزيت، الأغنام، العجول، القمح والحبوب، فيما المواطن يكافح من أجل لقمة عيشه.

القوانين والمؤسسات لم تسلم من الانهيار. القوانين غير الشعبية تُسنّ، الإضرابات تُقيد، وقوانين حماية المال العام تُسحب وكأن الفساد صار محميًا. الفضائح تتوالى في امتحانات المحاماة والمنتدبين القضائيين، تصفية المؤسسات، فضائح CNSS، سرقات بالمليارات، وتوظيفات عائلية واضحة. المؤسسات تحولت من أدوات للعدالة والخدمة العامة إلى أدوات للزبونية والمحسوبية، والفشل أصبح النظام نفسه.

المجتمع يعيش على صفيح ساخن. البطالة والهجرة السرية تتزايد، آلاف الشركات الصغيرة والمتوسطة تنهار، القدرة الشرائية تنهار، الفقر يمتد، الشوارع تُغرق في التشرميل، حالات الانتحار والطلاق والعنوسة تتفاقم، وأكثر من ثمانين بالمئة من الأسر المغربية تعيش على الهامش. المواطن هو الخاسر الأكبر، ومع كل أزمة جديدة يتكشف حجم الفشل في إدارة الدولة والمجتمع.

الإعلام والنقابات أصبحا أدوات للسياسة، وليس للمواطن. الدعم يُمنح للولاءات بدل إنقاذ الأسر، والصمت مشتراه، فيما المواطن يعاني ويصرخ بلا جواب.

حتى على المستوى القيمي والديني، البلاد لم تسلم. المرجعية الإسلامية تتعرض للتهميش، والمدونة الجديدة حملت كوارث اجتماعية وأخلاقية، مؤشر على أزمة عميقة في الرؤية والهوية.

مسار حكومة أخنوش يكشف أزمة منهجية شاملة: الاقتصاد متدهور، المجتمع هش، القوانين لا شعبية، الفساد مستشري، المؤسسات عاجزة، والمحسوبية عنوانها. الحكومة حولت الواجهة إلى زينة براقة، بينما العمق يمتلئ بالخراب والفساد. المواطن يدفع الثمن الحقيقي يوميًا، والحياة اليومية تحولت إلى كابوس دائم.

حصيلة حكومة أخنوش تختزلها عبارة واحدة: زينة في الأعلى، تعفن شامل في العمق. هي حكومة شراء الولاءات وخسارة الوطن والمواطن معاً. المواطن يدفع الثمن، والأمل في التغيير يتطلب مواجهة الواقع بصدق، شجاعة، ورؤية حقيقية لإعادة الدولة والمجتمع إلى الطريق الصحيح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى