وجهات نظر

يوسف بودرهم يكتب : هل نريد معارضة تأثيثية في المشهد الدستوري المغربي أم فاعل مؤسساتي؟

 

 

لا يمكن لأحد أن ينكر أن دستور المملكة المغربية لسنة2011، شكل ثورة حقوقية فوق ركح المنتظم الدولي، لكونه جاء حتى يضع حد لهيمنة منطق الأغلبية المتجبرة ويمنح المعارضة مكانة محورية إلخ….

 

فهذا الإصلاح لم يكن مجرد إضافة شكلية، بل شكل محطة مفصلية رسمت أدوارا أساسية ومحورية وحاسمة للمعارضة في التشريع والمراقبة، وتقييم السياسات العمومية.

 

وبالتالي يمكننا اعتبار هذا إعتراف صريح بأن الديمقراطية لا تستقيم إلا بوجود صوت آخر، صوت ينطق وينتقد ويصحح المسار.

 

لكن وللأسف، تبدو هذه المكتسبات الدستورية في خطر، عندما يصبح خروج بعض أصوات الأغلبية لانتقاد المعارضة على مجرد تواصلها مع المواطنين!!!

 

وهو ما نعتبره سلوك فاضح لضعف الفهم، وضيق أفق ديمقراطي لا يرى في العمل الميداني سوى تهديد للمصالح الشخصية!!!

 

وفي نفس السياق، فمن يعتبر أن خروج المعارضة للشارع والاستماعها لمشاكل المواطنين، مجرد “بوز أو مزايدة سياسية”، فهو ببساطة لا يفهم شيئ في مضامين الوثيقة الدستورية أو وروح الدستور، ولا يفقه شيء في السياسة اوالممارسة المؤسساتية.

 

وبإختصار، إن الممارسة السياسية ليس ترفا فكريا، بل هي رسالة وواجب وطني وأخلاقي يُمليه جوهر العمل الحزبي وفلسفة الحكامة الترابية التي تدعو إلى تنزيل سياسة القرب بشراكة مع المواطن.

 

وهنا، نعتبر أن المفارقة الأكثر بؤس، أن هذا الخطاب المناوئ للمعارضة يتعارض بشكل صارخ مع التوجهات الملكية السامية التي تُركز بشكل كبير على العدالة المجالية والتنمية المتوازنة بنفس السرعة والروح الدستورية!!

 

ونافلة القول، إن الحكومة التي تحارب المعارضة في الميدان هي الحكومة التي تتباطأ في إنجاز المشاريع، وهي التي تعجز عن الوصول إلى المناطق التي تحتاج إلى المساعدة والتنمية في ظل الدولة الإجتماعية.

 

كما أن النقد الحقيقي لا ينبغي أن يوجه إلى المعارضة والأحزاب السياسية التي تقوم بأدوارها الدستورية، وإنما يجب أن تنتقد بكل موضوعية، أولئك الذين يختزلون الديمقراطية في منطق الأغلبية العددية، متجاهلين أن روح الدستور تقوم على التعددية، وعلى التعاون بين السلط، وعلى جعل الأحزاب أداة للتأطير والتنمية.

بودرهم يوسف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى