وجهات نظر

يوسف بودرهم يكتب: الأحياء الشعبية صمام أمان الوطن

بقلم يوسف بودرهم: باحث في القانون العام والعلوم السياسية

حين نتحدث عن الأحياء الشعبية، فإننا نتحدث عن القلب النابض لهذا الوطن، عن الأماكن التي شكلت صمام أمانه خلال أوقات الأزمات، والتي أنجبت رجالات ساهموا في بناء الدولة وخدموا مؤسساتها بإخلاص.

وإذا أخذنا حي الفرح نموذجًا، وتحديدًا “دوار الحاحة”، فإننا لا نتحدث عن مجرد حي سكني، بل عن مدرسة للحياة، أنجبت أبطالًا في الرياضة، وكفاءات في مجالات متعددة، ورجال دولة وأطرًا في مختلف القطاعات. وكغيره من أحياء المغرب، سواء الراقية منها أو الشعبية، لم يسلم هذا الحي من بعض الحالات الشاذة، التي لا يمكن تعميمها أو اتخاذها حجة للإساءة إلى مجموع الحي وساكنته.

إن ما يشهده الحي من اختلالات اجتماعية ليس نابعًا من طبيعته أو ثقافة سكانه، بل هو نتيجة مباشرة للاختلالات في التنسيق بين السياسات العمومية، وضعف التدخلات الحكومية، إلى جانب أزمة إعلامية حقيقية تتمثل في بعض الصحف التي تفتقر إلى المهنية والموضوعية، وتتعمد تسليط الضوء على الظواهر السلبية وتغييب النماذج الإيجابية.

نحن مع حرية الصحافة، لكننا مع حرية مسؤولة، تبني ولا تهدم، تنقل الحقيقة ولا تصنع الإثارة الرخيصة. الصحافة الصادقة هي التي تُعلي من قيمة الأحياء الشعبية، ولا تساهم في تشويه صورتها لتخدم أجندات معينة، سواء أكانت سياسية أو ثقافية أو اجتماعية.

إن الأحياء الشعبية ليست فقط خزّانًا بشريًا غنيًا، بل هي فضاء للتماسك الاجتماعي والثقافة الوطنية، ومن الظلم أن تُستهدف بهذا الشكل.
فالواجب أن يكون القلم وسيلة للبناء لا معولًا للهدم، ولتكن الكلمة جسراً نحو وطن متوازن لا أداة لتغليب لون على حساب آخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى