بورتريهات

من فاس.. محمد أوزين يشخّص الأزمة الاجتماعية : “التشناقت” بدل “التضخم”

حدث، الذي عرف حضورا وازنا لقيادات الأحزاب الثلاثة وعلى رأسهم الأمين العام لحزب الحركة الشعبية محمد أوزين، كان مناسبة لتقديم تشخيص صريح للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد، من قلب مدينة فاس، المدينة التي لطالما شكلت رمزاً للمقاومة والثقافة الوطنية.

فاس.. رمزية المكان والسياق

اختيار فاس لاحتضان اللقاء لم يكن اعتباطياً، فالمدينة، بتاريخها العريق وإرثها الثقافي، شكلت خلفية رمزية لكلمة أوزين، الذي ذكّر بما كانت تعرفه الجهة من دينامية خلال فترة محند العنصر، مقابل ما اعتبره اليوم “نكسة تنموية” بعد توقف مشاريع الجهوية، وتراجع أداء المجالس المنتخبة.

خطاب صريح بلغة شعبية

في كلمته، خلع محمد أوزين عباءة اللغة الخشبية، ولجأ إلى تعابير قريبة من الشارع المغربي. فبدل الحديث عن “التضخم” و”الركود”، قالها صراحة: “المغرب لا يعرف تضخماً، بل يعيش حالة من التشناقت والتفراقشيت”. بهذا التعبير، صوّر الواقع المعيشي لفئات واسعة من المواطنين الذين يئنون تحت ضغط الغلاء، وغياب الأفق، والبطالة.
وتابع: “500 درهم التي تُمنح للمواطنين، يتم سحبها من جيوبهم عبر الضرائب التي تُفرض بلا إشعار، نحن لا نرفض أداء الضرائب، لكن نطالب أن يتم ذلك في إطار قانوني وعادل
كما أنه أثار إشكالا واضحا، من خلال تساؤله عن كيف يمكن ارتفاع ميزانية الدولة إلى 700مليار الدرهم بدل 600 مليار الدرهم، امام ما نعيشه من حالة جفاف وتضخم وحروب وما إلى دلك من المشاكل التي يعرفها المغرب من تأثيرات خارجية وداخلية،مشيرا إلى أن الأمر واضحا على أساس أن الفرق تم تحصيله من جيوب المواطنين
.
الدولة الاجتماعية في الميزان

لم يُفوّت أوزين الفرصة لانتقاد ما اعتبره تزييفاً لمفهوم “الدولة الاجتماعية”، قائلاً: “الدولة الاجتماعية لا تكون بالقفة السياسية، ولا بمنح دعم مشروط يكرّس التبعية”، مضيفاً أن “من يمنح القفة اليوم، قد يسحبها غداً”.

كما أثار عدداً من القضايا الحساسة، أبرزها ملف النقل الجهوي الذي قال إنه يُحتكر من طرف لوبيات، بالإضافة إلى تساؤله عن مشاريع سابقة تم تعطيلها تحت ذريعة الجائحة، مشيراً إلى أن الجهة لم تستثمر صلاحياتها الذاتية كما ينبغي.

غلاء الأسعار وتلاعبات السوق

وتساءل أوزين بمرارة: “أين تذهب أموال الدعم؟ ولماذا لا تنعكس على المواد الغدائية. موجهاً اتهاماً صريحاً إلى “الحيتان” و”الشناقة” و”الفراقشية” الذين يستفيدون من الريع، بينما المواطن يُترك لمصيره أمام فوضى الأسعار، كما أنه أعلن على هدية تنتظر المواطن خلال أيام عيد الأضحى القادم، بزيادة 10 في المائة في سعر قنينة الغاز.

الجريمة، البطالة، وانعدام الأفق

في جزء مؤثر من خطابه، تطرق الأمين العام للحركة الشعبية إلى تفاقم الجريمة وسط الشباب، محذراً من أن “غياب التأطير والتكوين يدفع العديد من الشباب إلى حمل السلاح والترهيب في الشوارع”، مستنداً في ذلك إلى تقرير رسمي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي يؤكد وجود 4 ملايين شاب بدون أفق.

لجنة تقصي الحقائق.. و500 درهم

وفي إشارة إلى ملف اجتماعي مثير للجدل، أكد أوزين أن منح 500 درهم جرى في ظروف يشوبها الغموض، كاشفاً أن “بعض المستفيدين أدلوا بشواهد طبية من أوروبا قبل انطلاق العملية”، في تلميح إلى وجود تسريبات ومعطيات تُستغل سياسياً. وطالب بإنشاء لجنة تقصي الحقائق، قائلاً إن الحكومة ترفض الفكرة خوفاً من انكشاف تضارب المصالح.

دعوة إلى التصويت العقابي

وفي ختام كلمته، أطلق أوزين نداءً للمواطنين لممارسة حقهم في المحاسبة، قائلاً إن “الديمقراطية لا تعني فقط الذهاب إلى صناديق الاقتراع، بل أيضاً محاسبة من أخلّوا بوعودهم، وأهانوا كرامة المواطن”، مشدداً على أن “التغيير لا يكون بتبديل الوجوه، بل بنموذج جديد يُعيد ترتيب الأولويات لصالح الفقراء والطبقة المتوسطة”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى