مليلية تختنق اقتصاديا: إغلاق المغرب للمعابر يطيح بـ60% من القطاع الخاص

في تطور يعكس حجم الأزمة الخانقة التي تعيشها مدينة مليلية المحتلة، وجه رئيس حكومتها المحلية، خوان خوسيه إمبروذا، اتهامات لاذعة للمغرب، معتبراً أن قرار الرباط بالإغلاق الأحادي للمعبر الجمركي تسبب في “انهيار اقتصادي غير مسبوق”، أطاح بأكثر من نصف القطاع الخاص المحلي.
جاء ذلك خلال مداخلة إمبروذا، المنتمي للحزب الشعبي، في مؤتمر رؤساء الحكومات الجهوية الذي احتضنته مدينة برشلونة، حيث رسم صورة قاتمة للأوضاع في مليلية، واصفاً المدينة بأنها أصبحت “معزولة ومهمشة” في ظل ما اعتبره “تواطؤاً أو تخلياً صريحاً من الحكومة المركزية في مدريد”.
اتهامات مزدوجة: المغرب ومدريد في قفص الاتهام
ولم يكتفِ رئيس المدينة بتوجيه سهام النقد نحو الرباط، بل صعّد لهجته أيضاً تجاه حكومة بيدرو سانتشيث، التي اتهمها بـ”معاقبة مليلية” من خلال سياسات مالية غير عادلة، مثل إجبارها على دفع دفعات مسبقة من الديون، وحرمانها من استخدام فائض ميزانيتها لتغطية الحاجيات الأساسية كالسكن والبنيات التحتية.
وفي جانب العلاقة التجارية مع المغرب، تحدث إمبروذا عن “غياب تام للمعاملة بالمثل”، قائلاً إن “أبسط سلعة مثل كيس بذور عباد الشمس لا يُسمح بمروره من مليلية إلى المغرب، في حين تُغرق السلع المغربية المدينة دون قيود”. وانتقد الوضع الحالي للمعبر الجمركي الذي أعيد فتحه نظرياً في يناير الماضي، لكنه “لا يشبه بأي حال الوضع الذي كان سائداً قبل 7 سنوات”.
مطالب بإجراءات استعجالية
وفي محاولة لإيجاد مخارج من الأزمة، دعا إمبروذا الحكومة الإسبانية إلى اتخاذ إجراءات فورية، من بينها:
-
إعادة تشغيل خط النقل البحري مع مدينة ألمرية، الذي وصفه بـ”شريان الحياة اليومي للمدينة”.
-
إعلان الخطوط الجوية نحو مدريد ومالقة كـ”خدمة عمومية أساسية”، لضمان استمرار الربط الجوي.
-
توسيع مهبط مطار مليلية وتحديث أنظمة الهبوط لتقليص الإلغاءات الناتجة عن تقلبات الطقس.
خلفية الأزمة: تحولات استراتيجية مغربية
يأتي هذا التصعيد في وقت يواصل فيه المغرب إعادة رسم معالم سياسته الحدودية، خاصة تجاه المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية، في إطار توجه استراتيجي لتقليص التبعية الاقتصادية، ومحاصرة ما يُعرف بـ”التهريب المعيشي”، وتعزيز الموانئ والمناطق التجارية البديلة داخل التراب المغربي.
وبينما ترى الرباط في هذه السياسات خطوة نحو سيادة اقتصادية وتنموية متوازنة، تعتبرها مدريد – وخاصة سلطات مليلية – تهديداً مباشراً لاقتصاد قائم منذ عقود على علاقات حدودية غير متكافئة.
تصريحات إمبروذا تعكس عمق الإرباك داخل مليلية، وامتداد تداعيات القرار المغربي إلى أبعد من مجرد أزمة تجارية. هي مواجهة بين رؤيتين للحدود: إحداهما تعتبرها امتداداً للنفوذ، وأخرى تسعى لضبطها كرافعة للسيادة والتنمية الوطنية.