في ندوة بالداخلة: صحفي فلسطيني يكشف زيف الإعلام في تغطية مأساة غزة

حدث بريس/ متابعة
في لحظة امتزج فيها الحزن بالمهنية، احتضنت مدينة الداخلة ندوة دولية علمية حول “التكامل بين إعلام الجودة والتربية على الإعلام”، شهدت نقاشًا عميقًا حول التحديات التي تواجه الإعلام الحر، خاصة في ظل تصاعد التضليل الإعلامي بشأن القضية الفلسطينية.
اللقاء، الذي نظمته اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر، لم يكتف بتسليط الضوء على الإشكاليات المهنية، بل اتخذ موقفًا إنسانيًا قويًا، عبر تخصيص دقيقة صمت وقراءة الفاتحة ترحمًا على أرواح الصحافيين الفلسطينيين الذين قضوا منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.
محمد مهنا: التضليل صناعة تُدار من أعلى المستويات
الصحفي الفلسطيني محمد مهنا، القادم من قلب المأساة، وضع الحضور أمام مشهد قاتم عن الاستخدام السياسي للتكنولوجيا في الحرب. وأكد في مداخلته أن ما يجري في غزة يتعدى كونه حربًا تقليدية، ليتحوّل إلى حملة تضليل ممنهجة، تقودها شخصيات رسمية إسرائيلية وعلى رأسها رئيس الوزراء، مستعينين بتقنيات الذكاء الاصطناعي لتزييف الحقائق وتوجيه الرأي العام.
وصرّح مهنا: “الإعلام لم يعد ناقلاً للحقائق، بل أداة بيد الأقوياء. ما يُبث لا يعكس حجم الكارثة. لقد فقدت 16 من أقربائي، ومع ذلك لا تزال الأكاذيب تُنشر بلا حرج”.
صور غزة تُنسب للصحراء المغربية
في واقعة مثيرة، كشف مهنا عن حادثة شخصية عاشها سنة 2005 حين تفاجأ بنشر وكالة “إلباييس” الإسبانية لصور أطفال جرحى في غزة، التقطها بنفسه، مدّعية أنهم ضحايا قصف مغربي في الصحراء. وأوضح أنه واجه الوكالة بالأدلة المرئية، إلا أن وكالة رويترز – التي كان يعمل لصالحها – رفضت التدخل، مبررة الأمر بـ”حسابات المصالح”.
ولم يستسلم مهنا، بل قرر مقاضاة “إلباييس” في إسبانيا بمعية عائلة أحد الأطفال الذين ظهروا في الصور، وربح الدعوى، لكن دون أثر يُذكر على نطاق التغطية أو المواقف الإعلامية العالمية.
ازدواجية المعايير.. غزة وأوكرانيا
في معرض حديثه، أشار مهنا إلى التمييز الصارخ في التغطية الإعلامية بين غزة وأوكرانيا. وقال: “حين يُقتل أطفال غزة تُحذف صورهم من الشاشات، أما حين يتألم طفل أوكراني، يتحول إلى عنوان رئيسي في الصحف. الإعلام يرسّخ صورة نمطية عن الفلسطيني: بدائي، عنيف، بينما يُقدّم الأوروبي على أنه الضحية النبيلة”.
مأساة مزدوجة: الحرب والصمت الإعلامي
ختم مهنا كلمته بالتنبيه إلى أن الحرب الإعلامية لا تقل فتكًا عن القصف، مؤكداً أن أكثر من 250 صحفيًا فلسطينيًا قُتلوا منذ بدء الحرب، فيما أُغلقت غزة أمام الصحفيين الدوليين، ما جعل من “الحق في المعرفة” رفاهية لا يملكها العالم حين يتعلق الأمر بفلسطين.
وأضاف: “متى كانت وكالات الأنباء تبحث عن الحقيقة؟ إنها تبحث عن الربح، حتى لو كان على حساب الدم الفلسطيني. نحتاج إلى صحافة تحررية، لا صحافة تحابي الأقوياء”.



