وجهات نظر

فشل السياسات السياحية يهدر مكتسبات وطنية: من يتحمل المسؤولية؟

 

 

بقلم عبد الكريم ناصري

طالب باحث في العلوم السياسية

 

في الوقت الذي كان ينتظر فيه من الحكومة تعزيز الانتعاش السياحي بعد سنوات الجائحة، فوجئ المغاربة ومعهم الجالية المقيمة بالخارج بانهيار صادم في جودة الخدمات السياحية، وارتفاع غير مبرر للأسعار، وسط غياب شبه كلي للمراقبة والتنظيم. واقع يكشف عن فشل ذريع في الحفاظ على مكتسبات قطاع كان إلى وقت قريب من أعمدة الاقتصاد الوطني.

ورغم الخطاب الرسمي المتفائل، فإن الحقائق على الأرض ترسم صورة قاتمة. مؤسسات سياحية تفرض أسعارا خيالية، مطاعم وفنادق تفتقر لأدنى معايير الجودة، وبنى تحتية تعاني الإهمال… كلها مؤشرات على أزمة عميقة يتحمل مسؤوليتها المباشرة كل من رئيس الحكومة ووزيرة السياحة، المنتميان لنفس الحزب، واللذان لم ينجحا في ترجمة وعودهما إلى إجراءات ملموسة.

الخسائر ليست فقط مالية، وإن كانت أرقامها فادحة، بل تمتد إلى فقدان الثقة. فقد سجل هذا الموسم تراجعا ملحوظا في إقبال الجالية المغربية المقيمة بالخارج، التي طالما اعتبرت ركيزة الموسم السياحي الصيفي. والسبب؟ ببساطة: الأسعار المرتفعة، الخدمات المتدهورة.

أما السياحة الداخلية، التي كان يعول عليها كبديل مؤقت أو دائم، فقد تم تجاهلها بالكامل. فلا عروض مناسبة للقدرة الشرائية المتوسطة أو الضعيفة، ولا بنية تنظيمية تضمن للزائر المغربي حدا أدنى من الجودة والسعر العادل. المواطن البسيط بات يشعر بأن السياحة “ليست له”، وأن المنتوج السياحي موجه فقط للنخبة أو للأجانب.

في ظل هذا الوضع، تطرح أسئلة مشروعة حول دور وزارة السياحة وغيابها عن الميدان. أين هي من مهام المراقبة والزجر؟ أين هي من دعم الفاعلين الجادين؟ وكيف تفسر صمتها أمام التسيب وغياب التوجيه الاستراتيجي؟

إن السياسات الحكومية الحالية تفقد المغرب مكانته كوجهة سياحية موثوقة، وتهدد أحد أعمدة دخله. المسؤولية اليوم لم تعد تحمل للظروف أو التقلبات الدولية، بل هي سياسية بامتياز، ويتعين على من يتصدرون المشهد الحكومي أن يتحملوا نتائج اختياراتهم، أو أن يعترفوا بالفشل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى