عبدالسلام حبيب الله.. حين يتحوّل المهاجر إلى صانع وحدة

حدث بريس/ نورة البوخاري
في قلب الجنوب الإفريقي، حيث تتلاقى القارات وتتشابك المصائر، يلمع اسم عبدالسلام حبيب الله كشخصية مغربية استثنائية، لا فقط لأنه مهاجر نجح في فرض صوته، بل لأنه اختار أن يكون هذا الصوت معبّرًا عن الآخرين، لا عن ذاته فقط.
ولد عبدالسلام في المغرب، لكن انتماءه لم يُقيد بجغرافيا. منذ وصوله إلى جنوب إفريقيا، لم يبحث عن الاستقرار فقط، بل عن المعنى. فكان أول ما فعله أن أنشأ جسورًا بينه وبين أبناء القارة، لا تمييز فيها بين مغربي، أو نيجيري، أو آسيوي. الكل يجد عنده ملجأ، أو مساحة للحديث، أو ببساطة، إنسانًا يُنصت.
بصفته رئيس منتدى الجالية الإفريقية (ADF)، يقود عبدالسلام عملًا مدنيًا واجتماعيًا دؤوبًا، لا يعرف الضجيج الإعلامي، لكنه يحصد أثرًا واضحًا على الأرض. ينظم اللقاءات، يبادر إلى الحملات، يرفع صوت المظلوم، ويدفع نحو العدالة الاجتماعية من منظور إفريقي لا مركزي، فيه كثير من الكرامة، وقليل من الشعارات.
لكن لقصته فصول أخرى. سنة 2007، أسّس الجمعية المغربية في جنوب إفريقيا، لتكون أول خلية تنظيمية للجالية. وبعد سنوات من العمل المتراكم، انتُخب سنة 2014 كاتبًا عامًا للمنتدى الاجتماعي العالمي حول الهجرة، ليجد نفسه أمام منصة دولية تضم أكثر من 3000 مشارك. ومع ذلك، لم ينس لحظة واحدة من أين جاء، أو من أجل من يعمل.
ما يميز عبدالسلام أيضًا هو فهمه العميق للثقافة كرافعة للتغيير. يحرص على استخدام الدارجة المغربية — مكتوبة بالحروف العربية — في وسائل التوعية، مثل ترجمة الأفلام الصحية، ليصل الخطاب إلى العمق الشعبي. ويؤمن أن اللغة ليست فقط أداة للتواصل، بل مساحة للكرامة.
وفي زمن يركض فيه الجميع خلف المناصب والضوء، يحتفظ عبدالسلام ببوصلة إنسانية بسيطة: احترام الناس، العناية بأساسيات الحياة، وخلق الأمل. في حياته اليومية، يحتفي بالعائلة، ويمنح وقته لحفيده، ويجد في “يوم الأجداد” طقسًا حميميًا يُجدد فيه علاقته بالحب الخالص.
في النهاية، لا يُمكن اختزال عبدالسلام حبيب الله في لقب أو منصب. هو رجل بنى لنفسه مكانة وسط الناس، لا من خلال السلطة، بل من خلال الثقة. مهاجر اختار أن يكون حارسًا للذاكرة، وصانعًا للوحدة، ومهندسًا لعلاقات إنسانية تتجاوز كل ما هو عابر.