“صحافيون تحت القصف: فلسطين وخراب سردية الحماية الدولية
الصحافة في مرمى النيران: كيف تكشف فلسطين حدود النفاق الدولي؟

بينما يحتفل العالم بـ”اليوم العالمي لحرية الصحافة”، تتحول فلسطين، وتحديدًا قطاع غزة، إلى ساحة اختبار حقيقي لما تبقى من أخلاقيات الخطاب الحقوقي الدولي. ففي ظل الصمت الغربي المريب، سُجل مقتل 210 صحافيين فلسطينيين خلال أقل من عام ونصف، في ما يمكن اعتباره أكثر الهجمات دموية على الصحافة منذ عقود.
لا يتعلق الأمر هنا فقط بعدد القتلى أو بحجم الدمار الذي طال المؤسسات الإعلامية، بل بما تكشفه هذه الوقائع من عجز بل وتواطؤ النظام الدولي في حماية مهنة طالما ادّعى الدفاع عنها. فحين تكون الضحية فلسطينية، لا تجد المواثيق الأممية طريقًا للتفعيل، ولا تصل العدالة إلى قاعات المحاكم.
إن استهداف الإعلاميين، وتدمير مقراتهم، واعتقال العشرات منهم، هو محاولة منظمة لتصفية الوعي، واحتكار الرواية، وتعقيم المشهد من أي صوت مختلف. وما يُفاقم الوضع هو صمت المؤسسات الدولية المعنية، التي تبدو في كثير من الأحيان عاجزة عن مجرّد إصدار موقف حازم، فضلًا عن تفعيل آليات المحاسبة.
في المقابل، يواصل الصحافيون الفلسطينيون عملهم تحت القصف، وبلا تجهيزات، ووسط الفقد والدمار، مؤمنين بأن مهمتهم لا تتعلق فقط بنقل الصورة، بل أيضًا بكشف منطق القوة المهيمن الذي يشرعن القتل حين يخدم مصالحه.
اليوم، لا تحتاج الصحافة الفلسطينية إلى تضامن رمزي، بل إلى تدخل دولي جاد يحترم مبادئ القانون الدولي ويحاسب الجناة. أما الصمت، فهو لم يعد حيادًا، بل مشاركة ضمنية في الجريمة.