بيئة وتنمية

زيّ غائب منذ أكثر من خمس سنوات… هل تُفقد الوكالة الوطنية للمياه والغابات هيبتها؟

محمد المرابطي

 

منذ إحداث الوكالة الوطنية للمياه والغابات بموجب القانون رقم 36.20 المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 22 يوليوز 2020، تعهدت الدولة بإعادة هيكلة القطاع ورفع مكانة أطره وأعوانه. غير أن الواقع يكشف تناقضاً صارخاً: أعوان الميدان يشتغلون منذ أزيد من خمس سنوات بلا زي وظيفي، رغم أن الفصل 19 من النظام الأساسي الخاص بموظفي المياه والغابات (مرسوم 2.15.45) ينص صراحة على ضرورة تمكين الموظف من الوسائل واللوازم الضرورية لممارسة مهامه.

القوانين والأنظمة الداخلية تعتبر الزي الرسمي جزءاً من الوسائل التي تُحدد هوية الموظف وتميزه عن باقي المواطنين. بل أكثر من ذلك، فإن مدونة الشغل (المادة 281) تُلزم المشغّل بتوفير الوسائل الوقائية والوظيفية اللازمة للعاملين الميدانيين. ومع ذلك، ظل هذا الحق القانوني مؤجلاً بلا مبرر، ليجد العون الغابوي نفسه مضطراً إلى شراء ملابس من ماله الخاص حتى يظهر بمظهر مقبول.

في المقابل، تُجدد قطاعات الأمن الوطني والدرك الملكي والقوات المساعدة والجمارك والوقاية المدنية أزيائها بشكل دوري، إدراكاً لأهمية الرمز البصري في فرض النظام والهيبة. فهل يُعقل أن يظل جهاز بيئي استراتيجي، مكلف بمحاربة الحرائق والتصدي للتعديات على الملك الغابوي، أقل اعتباراً من غيره على مستوى أبسط التفاصيل؟

غياب الزي الوظيفي لا يطرح فقط إشكال الهيبة، بل يفرغ تدخلات الأعوان من مشروعيتها القانونية. فالمحاضر التي يُنجزها عون لا يحمل زياً رسمياً قد تُعرض للتشكيك أمام القضاء. كما أن عدم وضوح الهوية يُربك المواطنين ويُعرّض الأعوان للاعتداء أو رفض الامتثال. الزي الموحد هنا ليس شكلاً، بل درع قانوني ومعنوي يضمن سلطة القانون ويحمي المنفذ له.

اللافت أن هذا الملف، رغم بساطته التقنية وتكلفته المحدودة مقارنة بباقي استثمارات الوكالة، ظل عالقاً طيلة نصف عقد. وهو ما يجعل السؤال مشروعاً: هل يتعلق الأمر بخلل في التدبير الإداري أم بتهميش مقصود لهيئة تُعتبر خط الدفاع الأول عن الثروة الغابوية.

اليوم، وبعد مرور أكثر خمس سنوات من الانتظار، يبقى السؤال موجهاً للجهات الوصية: متى ستتحرك الوكالة الوطنية للمياه والغابات لإعادة الاعتبار لعناصرها عبر تمكينهم من زي رسمي يليق بمهامهم الاستراتيجية؟
فالإصلاح يبدأ من التفاصيل، والزي الوظيفي ليس مجرد لباس، بل اعتراف رسمي بجهود أناس يحمون الغابة والبيئة في ظروف ميدانية صعبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى