سياسة

دفاع محمد أوزين عن التعدد اللغوي: موقف يعزز روح الدستور وهوية المغرب المتعددة

ابراهيم ادريسي

في مداخلة وُصفت بالقوية والمتزنة خلال نشاط نظمته “أكاديمية لحسن اليوسي”، وجه محمد أوزين، رئيس حزب الحركة الشعبية، انتقادات صريحة للحكومة الحالية بسبب ما اعتبره “تقصيرًا واضحًا في تفعيل المقتضيات الدستورية الخاصة باللغات الوطنية والرسمية”، في إشارة إلى الأمازيغية أساسًا، إضافة إلى لغات مكونة للهوية المغربية مثل العبرية والحسانية.

الأمازيغية: لغة رسمية مهمشة إداريًا وتربويًا

أكد أوزين أن دستور 2011 كان محطة مفصلية في الاعتراف الرسمي بالأمازيغية كلغة وطنية ورسمية إلى جانب العربية، وهو ما يتطلب، وفق تعبيره، “ترجمة هذا الاعتراف إلى سياسات عمومية واضحة وملموسة في التعليم والإدارة والثقافة والإعلام”.

انتقاده لتقاعس الحكومة لم يكن مجرد اتهام سياسي، بل انبنى على معطيات واقعية، فالتفعيل المؤسساتي للقانون التنظيمي للأمازيغية ما يزال يراوح مكانه، ⁰⁰والتعميم الفعلي لتدريس الأمازيغية في المدارس لم يتحقق بعد بالشكل المطلوب.

اللغة العبرية: مكون حضاري لا يتناقض مع دعم القضية الفلسطينية

في موقف متوازن وناضج، فصل أوزين بين اللغة العبرية كأحد روافد الهوية المغربية، خاصة لدى المغاربة اليهود كما فضل تسميتهم المتواجدون بالمغرب منذ مئات السنين المدافعون عن الثوابت الوطنية تاريخيا ، وبين الصهيونية كأيديولوجيا استعمارية مرفوضة.

واعتبر أن العناية باللغة العبرية تأتي في إطار الحفاظ على تنوع وتعدد مكونات الهوية الوطنية، مشددًا في الوقت ذاته على الدعم المطلق والثابت للقضية الفلسطينية، انسجامًا مع الموقف الشعبي المغربي.

هذا الطرح يعكس نضجًا سياسيًا يتجاوز الثنائية المبسطة بين الانفتاح الثقافي والموقف السياسي، ويؤسس لرؤية مغربية أصيلة تحترم كل مكوناتها دون التخلي عن المبادئ الإنسانية والقومية.

الحسانية: لغة أهل الجنوب ورمز وطني يجب تثمينه

لم تغب اللغة الحسانية عن خطاب رئيس الحركة الشعبية، حيث طالب بضرورة دعمها والعناية بها باعتبارها مكونًا أصيلًا من الهوية المغربية، ووسيلة تعبير يومية لمغاربة الأقاليم الجنوبية.
هذا المطلب يتماشى مع الرؤية الدستورية التي اعتبرت الحسانية رافدًا ثقافيًا مغربيًا يستحق الدعم والتطوير.

موقف حزبي أم مشروع وطني؟

بإدراج الأمازيغية، والعبرية، والحسانية ضمن أولويات حزب الحركة الشعبية، والدعوة لتفعيل الدستور بشكل كامل في ما يخص هذه اللغات، يؤكد أوزين أن حزبه يتبنى رؤية واضحة للدفاع عن التعدد الثقافي واللغوي كجزء لا يتجزأ من المشروع الديمقراطي المغربي.

هذا التوجه يتماشى مع روح الفصل الخامس من دستور 2011، الذي لا يكتفي بإعلان لغات معينة كمكونات لهوية المغرب، بل يلزم الدولة بحمايتها وتطويرها.

خلاصة: خطاب سياسي بوعي دستوري وثقافي

مداخلة محمد أوزين لم تكن فقط تعبيرًا عن موقف حزبي، بل حملت رؤية استراتيجية تؤكد أن النهوض باللغات الوطنية والمكونات الثقافية للمجتمع المغربي هو خيار سياسي وثقافي ينبغي ترجمته إلى برامج حكومية حقيقية.

وفي ظل التحولات التي يعرفها المشهد السياسي والاجتماعي، تبقى مثل هذه المواقف ضرورية لتعزيز اللحمة الوطنية على قاعدة الاعتراف بكل مكوناتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى