دوليات

تصعيد غير مسبوق بين عباس وحماس

شهد المشهد السياسي الفلسطيني تصعيداً لافتاً بعد تصريحات نارية أطلقها الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال كلمته في افتتاح جلسة المجلس المركزي الفلسطيني برام الله، والتي هاجم فيها حركة حماس بشدة، مطالباً إياها بإنهاء سيطرتها على قطاع غزة، وتسليم أسلحتها للسلطة الفلسطينية.

في خطاب متلفز مساء الأربعاء، دعا الرئيس عباس الحركة إلى “التحول إلى حزب سياسي” معتبراً أن هذه الخطوة تمثل شرطاً أساسياً لاستعادة الوحدة الوطنية، وقطع الطريق أمام إسرائيل التي “تستغل الوضع القائم في غزة لتبرير جرائمها بحق الشعب الفلسطيني”، على حد تعبيره.
وأضاف: “أنا من يدفع الثمن، وليس إسرائيل”، في إشارة إلى الأعباء السياسية والدبلوماسية التي يتحملها كرئيس للسلطة الفلسطينية في ظل الانقسام الفلسطيني.

لكن التصريحات بلغت ذروتها حين ختم عباس خطابه بعبارة شديدة اللهجة قال فيها: “يا أولاد الكلب سلموا الرهائن اللي عندكم وخلصوا”، في إشارة واضحة إلى الأسرى الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس في غزة. هذه العبارة أثارت موجة غضب واستنكار في الأوساط الشعبية الفلسطينية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرين إياها غير لائقة بحق فصيل فلسطيني كبير، وتصب الزيت على نار الانقسام.

في المقابل، سارعت حركة حماس إلى الرد عبر القيادي باسم نعيم، الذي اتهم الرئيس عباس بـ”تكرار تحميل شعبنا المسؤولية عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي”، مشيراً إلى أن مثل هذه التصريحات تُعفي إسرائيل من مسؤولياتها وتُضعف الجبهة الداخلية الفلسطينية.

أزمة مستمرة

الانقسام الفلسطيني الداخلي الذي بدأ فعلياً منذ سيطرة حماس على قطاع غزة عام 2007، يزداد تعقيداً مع كل جولة من التصريحات المتبادلة بين الحركتين. وبينما تطرح السلطة الفلسطينية خيار تسليم السلاح كمدخل للوحدة، ترى حماس أن سلاح المقاومة خط أحمر، خاصة في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي على القطاع.

ويرى محللون أن لغة الخطاب المتبادل بين الجانبين تنذر بمزيد من التباعد، ما لم يتم التوجه إلى حوار وطني شامل وجاد، يُعيد ترتيب البيت الفلسطيني على أساس الشراكة السياسية، لا الإقصاء والتخوين.

ردود فعل متباينة

وتفاوتت ردود الفعل الفلسطينية على خطاب الرئيس، إذ رأى البعض أن ما قاله يعكس عمق الأزمة وضغوطها، بينما وصف آخرون تصريحاته بـ”غير المسؤولة”، لا سيما العبارة الأخيرة التي اعتُبرت إهانة لجزء كبير من أبناء الشعب الفلسطيني المنتمين لحركة حماس أو المتعاطفين معها.

ومع غياب أفق واضح لأي مبادرة مصالحة فعلية، يبقى الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة والخارج، هو الخاسر الأكبر من هذا التراشق السياسي المتواصل، الذي يُضعف الموقف الفلسطيني في وجه الاحتلال، ويؤجل أي أمل في إنهاء الانقسام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى