فيتنام: وهبي يوقع على المعاهدة الدولية للأمم المتحدة لمكافحة الجرائم الإلكترونية

حدث بريس : متابعة
بحضور الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو جوتريس بالعاصمة الفيتنامية “هانوي”، وقع السيد عبد اللطيف وهبي وزير العدل باسم المملكة المغربية صباح اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية، في إطار مؤتمر دولي يعقد بهذا الخصوص.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت هذه الاتفاقية في دجنبر الماضي، ومن المقرر أن تدخل حيز التنفيذ بعد مرور 90 يوما من تصديق الدول عليها.
وإليكم نص كلمة المغرب التي تلاها السيد وزير العدل:

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه
السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة،
السيد رئيس جمهورية فييتنام الاشتراكية، فخامة الرئيس لوونغ كُوونغ
أصحاب المعالي والسعادة السادة الرؤساء،
أصحاب المعالي والسعادة الوزراء، والسفراء وممثلوا الهيئات والبعثات الدبلوماسية،
السادة الحضور الكريم،
إنه لمن دواع الفخر والاعتزاز أن نشهد اليوم هذا الحدث البارز والذي اجتمعت فيه هذه الثلة من القادة وصناع القرار من مختلف أنحاء العالم، في لقاء أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه لقاء يرقى إلى مصاف المحطات التاريخية والأحداث ذات الرمزية والدلالة الكبرى على مستوى الأمم المتحدة خلال هذه العشرية. فاليوم نحن أمام لحظة فارقة في مجال مكافحة الجرائم الحديثة، وأمام تجسيد مثالي للتعاون بين الدول لتطويق هذه الجرائم والحد منها.
وأتقدم بهذا الخصوص بجزيل الشكر، وأفضل الثناء إلى فخامة السيد أنطونيو غوتيريش الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، وإلى جمهورية فييتنام الاشتراكية، في شخص رئيسها وشعبها على حسن الاستقبال وكرم الضيافة، ولا يسعني إلا أن أثني على جميل العلاقات الثنائية بين المملكة المغربية وفييتنام، والتي تعد نموذجا للتعاون المتوازن وتطبعها الرؤية المشتركة خاصة فيما يهم التعاون القضائي ومكافحة مختلف أشكال الجرائم.
أصحاب المعالي والسعادة،
لقد أصبحت شبكة الأنترنت فاعلا أساسيا في مجتمعاتنا، بل أضحت في الآونة الأخيرة وسيلة سرعت من وثيرة انتشار الجرائم واتساع رقعتها، بحيث أصبحت الأفعال الإجرامية وسلوكيات الأفراد مرتبطة بأشكال متعددة من الممارسات الافتراضية داخل المنظومة اللامادية لهذه الشبكة. وأصبحت الجرائم التي تمس البيانات والمعطيات الرقمية والالكترونية لا تتوقف عند الاضرار بالغير بل أصبحت تتجاوز ذلك إلى محاولة المساس بالدول سواء باستقرارها السياسي أو الاقتصادي.
وفي ظل هذا التطور المتسارع للجريمة، تطورت ديناميات عالمية تصبو إلى توفير الأمن الرقمي وحماية نظم المعالجة الآلية للمعطيات. وقد تفاوتت درجات ومراتب هذه الديناميات بين مبادرات وطنية عبر إرساء قوانين وطنية رادعة، إلى مبادرات إقليمية كالاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات، أو اتفاقية بودابست ببروتوكوليها الاضافيين.
أصحاب المعالي والسعادة:
مع اتساع رقعة الجرائم الالكترونية، أصبح العالم بحاجة إلى آلية دولية تشكل إجماع كل الدول، والتي سيمكن اعتبارها مرجعا عالميا في مكافحة الجريمة الالكترونية، ولهذا الغرض تمت صياغة هذه الاتفاقية.
ومنذ الاتفاق على إنشاء لجنة خبراء حكومية دولية مفتوحة العضوية، ممثلة لجميع الدول للمشاركة في صياغة هذه الوثيقة بمقتضى قرار الجمعية العامة عدد 75/282، انخرطت المملكة المغربية في هذا المسلسل المهم بدء من المشاركة في وضع وثيقة التفاوض الموحدة، إلى غاية إعداد النسخة الأولى من الاتفاقية، وقد ساهمت المملكة من خلال مشاركتها النشطة إلى جانب باقي الدول، سواء من خلال الجلسات العامة أو عبر الاجتماعات غير الرسمية، في بلورة النسخة النهائية من هذه الاتفاقية,
أصحاب المعالي والسعادة،
إن الوصول إلى اتفاقية دولية حول مكافحة الجريمة الالكترونية، لم يكن بالأمر الهين، خاصة في ظل الظرفية العالمية الحالية، فقد عرف مسلسل الاعداد لهذه الاتفاقية العديد من التجاذبات سواء على المستوى السياسي أو التقني، وقد كان لزاما على جميع الدول التي شاركت في المفاوضات أن تبدي الكثير من المرونة وروح الانفتاح وهي المبادئ التي انعكست بظلالها على الاتفاقية، التي تجسد اليوم مرآة للفهم المشترك للجرائم المرتكبة عبر الفضاء الالكتروني، وعنوانا للتعاون القضائي والتقني بين الدول في هذا المجال.
أصحاب المعالي والسعادة،
نظراً لتصاعد التهديدات الناجمة عن الجرائم السيبرانية على الصعيد العالمي، وما تخلفه من انعكاسات خطيرة تمس النسيج الاجتماعي والاقتصادي والنفسي للمجتمعات. وبالنظر إلى المحيط الإقليمي للمملكة المغربية الذي يشهد تنامياً في أنشطة الجماعات المتطرفة الحاملة لخطاب العنف والراعية للإرهاب، والتي باتت تتخذ من الفضاء الإلكتروني وسيلة لنشر أفكارها الهدامة والتحريض على الكراهية وسفك الدماء وبث الرعب في نفوس الأبرياء — يبرز أكثر من أي وقت مضى حجم الرهان على تعزيز الأمن السيبراني كركيزة لحماية الأفراد والمجتمعات وصون الاستقرار.
وقد انخرطت المملكة المغربية منذ مدة ليست باليسيرة في الدينامية العالمية الرامية إلى مكافحة الجريمة السيبرانية، فتم وضع مجموعة من الأطر القانونية والاستراتيجيات التي تروم توفير سبل تنمية الاقتصاد الرقمي وتسهيل ولوج الأفراد للتكنولوجيا من جهة، كما تم، من جهة أخرى، إرساء إطار مؤسساتي وقانوني حديث وفعال لمواجهة الجريمة المعلوماتية، عبر وضع قانون خاص بالأمن السيبراني، وتحديث القوانين الأخرى ذات الصلة والتي من أبرزها القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية.
أصحاب المعالي والسعادة،
لقد أصبح الوصول إلى الأدلة الرقمية يشكل تحديا على مجموع الدول، وأصبح لزاما علينا تنسيق الجهود وتجاوز الطرق التقليدية للأبحاث الجنائية وفتح المجال أمام تعاون دولي أكثر فعالية ومرونة.
وفي هذا الاطار يمكنني أن أعبر لكم عن حماسنا لاستكشاف بعد جديد من أبعاد التعاون القضائي، عبر الأليات المقررة في هذه الاتفاقية، و كلنا أمل في الحد من الجرائم المعلوماتية التي أصبحت تقض مضجع مواطنينا، و من أجل ذلك ندعوا إلى تظافر جهود الجميع من أجل العمل على التنزيل الفعلي لمقتضيات هذه الاتفاقية و تطوير آلياتها الإجرائية. و ستبقى المملكة المغربية كما عهدتموها حاضرة من أجل تحقيق هذه الاهداف كما تؤكد على استعدادها الكامل للتعاون مع باقي الدول في سبيل تحقيق الأمن السيبيراني لجميع الدول الأطراف.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته