النيابة العامة تتحرك لتصفية ملفات الفساد المالي العالقة.. ومسؤولون كبار في دائرة الاتهام

حدث بريس/ نورة البوخاري
في خطوة توحي بتوجه جديد نحو الحزم في قضايا الفساد المالي، أصدر رئيس النيابة العامة، هشام بلاوي، تعليمات مشددة تقضي بإحالة تقارير رقابية صادرة عن المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة للإدارة الترابية، والمتضمنة لاختلالات ذات طبيعة جنائية، على الأجهزة الأمنية المختصة، وفي مقدمتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية والفرقة الوطنية للدرك الملكي.
هذه الخطوة تأتي لتكسر جموداً دام سنوات بشأن ملفات ثقيلة ظلت حبيسة الرفوف، رغم استكمال التحقيقات بشأن عدد منها، وإحالتها على وكلاء الملك دون اتخاذ قرارات متابعة. وتضم هذه الملفات نماذج صارخة من سوء التدبير وتبديد المال العام، منها ما يتعلق بتحويل مركز للاستقبال والتكوين في سيدي قاسم إلى فضاء سياحي تستغل مرافقه في تنظيم حفلات، في مخالفة لهدفه الأصلي، إضافة إلى تعثرات البرنامج الاستعجالي للتعليم الذي ما زال يلاحقه الجدل في ردهات محاكم جرائم الأموال.
وتطال قائمة القضايا أيضاً اختلالات مالية جسيمة داخل شركة “مارتشيكا ميد”، التابعة لوكالة تهيئة بحيرة مارتشيكا، والتي سجلت تجاوزات خلال فترة المدير العام السابق سعيد زارو، في ملفات تعززها تقارير صادرة عن مؤسسات الرقابة الرسمية.
اللافت في التوجيهات الجديدة هو تركيزها على التعجيل بالأبحاث في ملفات تتعلق بجماعات ترابية ومؤسسات عمومية، تورط فيها رؤساء جماعات حاليون وسابقون، بل وحتى برلمانيون، بتهم تتراوح بين استغلال النفوذ، وتفويت صفقات بطرق مشبوهة، والتورط في تبديد موارد مالية عامة.
وكانت رئيسة المجلس الأعلى للحسابات، زينب العدوي، قد كشفت خلال عرض برلماني، أن النيابة العامة بالمجلس أحالت 16 ملفاً خلال الفترة ما بين 2022 وشتنبر 2024، تضمنت أفعالاً توصف بالجنائية، في مجالات التعمير، وتدبير الطلبيات العمومية، واستغلال المنصب لتحقيق منافع شخصية.
هذه الدينامية الجديدة في التعاطي مع ملفات الفساد، تطرح تساؤلات حول مدى التزام السلطات القضائية بجعل ربط المسؤولية بالمحاسبة واقعاً ملموساً، وليس مجرد شعار دستوري، في ظل تزايد الضغط المجتمعي من أجل تطهير الحياة العامة.



