المهندس الغابوي ودوره في التنمية المستدامة

احتفل العالم في 21 مارس الماضي باليوم العالمي للغابة، وهو فرصة سانحة للتوقف عند المكانة الهامة والأساسية التي تمثلها النظم الغابوية والإيكولوجية بالنسبة لبلد من قبيل المغرب، والذي يحتضن مساحات شاسعة من الغابات. وفرصة لاستحضار مختلف الأدوار التي تؤديها هذه النظم على المستويات البيئية والاجتماعية والاقتصادية.
من جانب اخر، تعد هذه المحطة الدولية فرصة للالتفات إلى مختلف الأدوار والمهام التي يؤديها العديد من الفاعلين المباشرين الذين يشتغلون في المجالات المتعلقة بهذه النظم ولاسيما قطاع الهندسة الغابوية. كما نعرف هناك مجموعة من جنود الخفاء من تقنيين ومهندسين غابويين وأطر عليا في مجال الهندسة الغابوية، ممن يعملون ليل نهار شتاء وصيفا على المحافظة على النظم الغابوية الوطنية وتثمين المنتوجات الغابوية المتوفرة على شكل ثروات نباتية وحيوانية. فضلا على التوعية والتحسيس بقضايا الغابة ومشكلاتها ورهاناتها لاسيما عند الساكنة المحلية وابتكار أحسن الطرق الهادفة إلى الحفاظ على الغابة باعتبارها منظومة إيكولوجية شاملة ومتكاملة ومركبة، هذه الطرق والتقنيات تختلف في أحيان كثيرة من مجال جغرافي إلى اخر…
معلوم أن بلادنا تتوفر على استراتيجية خاصة بالغابات هي “غابات المغرب 2020-2030” والتي أطلقت بإشراف مباشر من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حيث تهدف إلى معالجة إشكالية التدهور وخلق توازن بين الحفاظ على الغابة ومواردها وتطويرها. وعند دراسة مختلف المحاور الكبرى التي تضمها هذه الاستراتيجية الوطنية الطموحة، تلاحظ أهمية ومركزية الأدوار المحورية التي يؤديها مهندسو وأطر الهندسة الغابوية في الاستغلالات المثلى والفضلى للنظم الغابوية وضبط وتنسيق مساهمتها في التنمية المستدامة في أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية وحتى الثقافية. فالمهندس الغابوي إذن فاعل تنموي يساهم في تحقيق التنمية على المستوى الدولي والوطني والمحلي اقتصاديا واجتماعيا من أجل استدامة الموارد الطبيعية والغابوية، وأحيانا يغامر بحياته في سبيل حماية النظم الإيكولوجية والوطنية في وجه من ينتهكون حرمة الغابات الوطنية من لصوص ومستعملي الغابة بشكل جائر وحتى من يتعمدون الاعتداء على الغابات مثل المتسببين في حرائق الغابات وغير ذلك…
الغابة المغربية كنز ثمين، فقد اكتشف أن بعض الغابات والجبال المغربية لا تضم فقط ثروات نباتية وحيوانية، بل هناك غابات تضم أيضا كنوزا ثقافية في شكل نقائش ونقوش صخرية ومغارات وكهوف مورست فيها طقوس وعادات قديمة جدا وكلها تشكل جزء من موروثنا الثقافي الوطني بشقيه المادي واللامادي. صحيح أن جزءا هاما من هذا التراث يوجد تحت وصاية وزارة الثقافة، غير أن تواجده في مناطق غابوية في الغالب الأعم يقتضي تكوين المهندسين الغابويين في هذا المجال كذلك من أجل حمايته. مع ضرورة الاهتمام بالشؤون المادية والاجتماعية لهذه الفئة من المهندسين الذي تلقوا تكوينا متينا لمدة ناهزت الست سنوات ويقومون بمهام وظيفية وطنية مهمة.



