دوليات

المغرب وروسيا: تعزيز السيادة والحكم الذاتي كحل واقعي للصحراء

حدث بريس: متابعة

شهدت العلاقات المغربية الروسية مرحلة مهمة مع توقيع الشراكة الاستراتيجية المعمقة بين الرباط وموسكو، وهي خطوة تحمل أكثر من دلالة سياسية واقتصادية، خصوصًا في سياق قضية الصحراء المغربية والمشهد الإقليمي الأفريقي. التحليل المهني للاتفاقية يكشف أربعة أبعاد أساسية:

أولًا: الهدف من الحوار واستقلاليته عن أي طرف خارجي
أكد وزير الخارجية المغربي، خلال زيارته لموسكو، أن الحوار المغربي-الروسي يهدف إلى تعزيز السلم والاستقرار الإقليميين في المنطقة العربية وأفريقيا، دون أن يكون موجها ضد أي دولة، سواء كانت الجزائر أو غيرها. هذا التأكيد يعكس حرص المغرب على استقلالية علاقاته الدولية، ويؤكد أن الحوار لا يندرج في صراع المحاور الإقليمية.

ثانيًا: القضية الوطنية والوحدة الترابية
تصريحات لافروف قبل زيارة بوريطة أشارت إلى أن روسيا لن تعارض حلًا متفقًا عليه تحت مظلة الأمم المتحدة والقانون الدولي. وقد جاء الرد المغربي دقيقًا، مؤكدًا على أن الحل يجب أن يكون مطابقًا للقانون الدولي والمبادئ الدولية، مع التنبيه إلى أن هذه المبادئ لا يجب أن تتحول إلى ذريعة لإعاقة التقدم نحو حل عملي وواقعي. هذه الصياغة تحمل رسالة مزدوجة: تقدير للمواقف الدولية، وفي الوقت ذاته، تذكير للجزائر بعدم استغلال القانون الدولي لتقويض سيادة المغرب في صحرائه.

ثالثًا: تزكية الحكم الذاتي كحل واقعي ،موضوعي و وحيد.
الحل الذي يقترحه المغرب عبر الحكم الذاتي الموسع تحت السيادة المغربية يبرز كخيار واقعي وملائم للسياق المحلي والإقليمي. هذا الحل يوازن بين احترام الحقوق التاريخية والسيادة الوطنية، ويعكس القدرة المغربية على تقديم مقترح عملي قابل للتطبيق، يتماشى مع التوجهات الدولية للحل السياسي ويستجيب لتطلعات سكان الصحراء.

رابعًا: السياق الإقليمي الأفريقي ورفض الوصاية
تناول الحوار المغربي-الروسي أيضًا الوضع في منطقة الساحل الأفريقي، حيث شدد الطرفان على احترام سيادة الدول وعدم السماح لأي قوة خارجية، بما في ذلك القوى الاستعمارية السابقة، باستعمال الدول كـ«حدائق خلفية». هذه الرسالة تأتي كرد عملي على بعض المواقف الجزائرية، وتؤكد موقف المغرب الثابت في احترام الخيارات السياسية لشعوب المنطقة دون تدخل خارجي.

ختامًا: قراءة إيجابية للاتفاقية
إن توقيع الشراكة الاستراتيجية المعمقة بين المغرب وروسيا يمثل نجاحًا دبلوماسيًا للمغرب، فهو يؤكد احترام سيادته، ويعزز مكانته الدولية، ويبرز قدرة الرباط على بناء تحالفات استراتيجية بعيدًا عن الأوهام والتدخلات الخارجية. بالنسبة للجزائر، يشكل الاتفاق ضربة في محاولاتها المستمرة للتأثير على الوضع في الصحراء المغربية، ويؤكد أن العالم يتجه نحو حلول واقعية ومستقرة، تتماشى مع القانون الدولي ومصالح الشعوب المعنية، بما فيها الحكم الذاتي الموسع للصحراء كإطار سياسي عملي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى