الدكتورة هاجر المصنف.. العالمة المغربية التي تقود الذكاء الاصطناعي من مراكش نحو العالمية

مراكش متابعة : فكري ولد علي
في زمن يتسارع فيه السباق نحو الريادة التكنولوجية، برز اسم الدكتورة **هاجر المصنف** كأحد أبرز الوجوه العلمية في مجال الذكاء الاصطناعي بالمغرب والعالم العربي، لتجسّد صورة العالِمة المغربية الطموحة، التي شقّت طريقها من مدرجات جامعة القاضي عياض بمراكش إلى المنصات الدولية المرموقة، مؤمنة بأن الإبداع لا تحدّه الجغرافيا، ولا تحجبه الموارد، بل تصنعه الإرادة والمعرفة.من الهندسة إلى الذكاء الاصطناعي.ولدت الدكتورة المصنف في بيئة مغربية متواضعة، لكن طموحها قادها إلى المعهد الوطني للبريد والمواصلات بالرباط، حيث حصلت على **دبلوم الدولة في الهندسة** عام 2005. ثم التحقت بجامعة القاضي عياض بمراكش، لتحصل على **دكتوراه في الإعلاميات سنة 2012**، بأطروحة ركّزت على شبكات المركبات والاتصالات اللاسلكية. لم تكن هذه الشهادة نهاية المطاف، بل كانت بداية لمسيرة علمية مبهرة في **مجال الذكاء الاصطناعي، تعلم الآلة، وإنترنت الأشياء**.عالمة وأستاذة ومُلهمةتعمل الدكتورة المصنف حاليًا كأستاذة التعليم العالي بكلية العلوم السملالية بمراكش، وتشرف على ماستر **علوم البيانات** (Data Science) الذي يُعدّ من أكثر البرامج الأكاديمية تطورًا على مستوى المغرب. وخلال مسيرتها الأكاديمية، درّست مقررات علمية متقدمة، من ضمنها: التعلم الآلي، البيانات الضخمة، الإحصاء، شبكات الاتصال، وتحليل أنظمة التشغيل. كما أشرفت على العشرات من مشاريع التخرج، وساهمت في صقل جيل من الباحثين والمهندسين الشباب، سواء في سلك الإجازة أو الماستر.منشورات علمية تفتح آفاق المستقبلإنتاجها العلمي الغزير مكّنها من نشر عشرات الأبحاث المحكمة في مجلات عالمية ذات معامل تأثير معتبر، من بينها:
– “نمذجة حرائق الغابات بالذكاء الاصطناعي”– مجلة Fire Safety Journal.
– “تحليل سلوك السائقين بأنظمة التعلم الآلي” – مجلة Engineering Applications of AI.
– “تحليل الحالة العاطفية للمستخدمين عبر الهواتف الذكية” – مشروع تطبيقي مسجل ببراءة اختراع.
– “التعليم الذكي القائم على التفاعل اللحظي”– مشروع كرسي ذكي يقيس مدى استيعاب الطلبة.
ما يميز أبحاثها ليس فقط رصانتها الأكاديمية، بل ارتباطها الوثيق بالتطبيقات الحقيقية في مجالات الصحة، الأمن، التعليم، والمجال الفلاحي.
– “شامة”.. الروبوت المغربي الذي أبهر العالم
من بين المشاريع التي ترأستها وحققت إشعاعًا دوليًا، يبرز مشروع الروبوت “شامة”، أول روبوت مغربي ناطق بالعربية، مزود بتقنية التعرف على المشاعر وتعابير الوجه. حظي هذا المشروع بتمويل من شركة أمريكية متخصصة في الذكاء الاصطناعي (FotaHub)، التي فتحت فرعًا لها داخل جامعة القاضي عياض، في سابقة تعكس الاعتراف الدولي بكفاءة الدكتورة وفريقها.
– جوائز عالمية.. واعتراف دولي
كرّست إنجازات الدكتورة المصنف (https://mousannifhajar.com) مكانتها كأحد أبرز الوجوه العلمية المغربية، عبر نيلها لجوائز دولية مرموقة:
– جائزة Global AI Inclusion Award 2020 من WomenTech العالمية، كأول عربية وأفريقية تنال هذا التكريم.
– جائزة لوريال – اليونسكو للنساء في العلم.
– جائزة “وجه مغربي للتميز” لعام 2024 من مؤسسة وجه المغرب بشراكة مع BMCI.
الجائزة العربية للاقتصاد الرقمي 2025 من الاتحاد العربي، والتي تسلمتها خلال مؤتمر “Seamless Middle East” في دبي.
كما شاركت في عدد من المؤتمرات العلمية العالمية، من بينها مؤتمر الذكاء الاصطناعي في شنغهاي 2025، حيث قدمت عرضًا حول استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في اكتشاف الأدوية.
نحو مستقبل بحثي واعد
ترى الدكتورة المصنف أن مستقبل الذكاء الاصطناعي في العالم العربي مرهون بخلق منظومة بحثية تشجع على الابتكار، التعاون الأكاديمي الدولي، وربط الجامعات بالمجال الصناعي. وهي اليوم تسعى لتوسيع الشراكات بين جامعة القاضي عياض ومؤسسات دولية، لخلق مختبرات بحثية مشتركة، خصوصًا في ميادين التعليم الذكي، الصحة الرقمية، والروبوتيك التفاعلي.
كما تؤكد على أهمية تمكين المرأة في المجال العلمي، وتشجع الطالبات المغربيات على اقتحام مهن المستقبل، معتبرة أن “الثقة في الذات والعلم هما أفضل سلاح لمواجهة الحواجز المجتمعية”.
نموذج يحتذى
إن سيرة الدكتورة هاجر المصنف تُعد مصدر إلهام لآلاف الباحثين الشباب في المغرب وخارجه، إذ تمثل نموذجًا للعلم المرتبط بالواقع، وللمرأة التي كسرت القوالب النمطية، واستطاعت أن تبني مجدًا علميًا من داخل المغرب، بشراكات دولية، وأثر بحثي وإنساني ملموس.
بكل استحقاق، تُعدّ الدكتورة المصنف أحد أعلام الذكاء الاصطناعي في العالم العربي، ووجهًا علميًا مشرّفًا للمغرب في المحافل الدولية.