اتفاقية جامعة محمد الأول وجمعية كفاءات مغاربة العالم: نموذج للجيل الجديد من الشراكات الذكية في خدمة التعليم والبحث العلمي

ابراهيم ادريسي
في زمن تتسارع فيه التحولات الرقمية والعلمية، وتفرض فيه الثورة التكنولوجية الرابعة واقعًا جديدًا على منظومات التعليم والبحث، تأتي الاتفاقية-الإطار التي وُقعت يوم الخميس بوجدة بين جامعة محمد الأول وجمعية كفاءات مغاربة العالم، لتشكل خطوة نوعية نحو بناء جيل جديد من الشراكات الأكاديمية المبنية على الذكاء الاصطناعي والتبادل العلمي العصري.
فبموجب هذه الاتفاقية، التي وُقعت على هامش الندوة الدولية حول “أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في خدمة البحث العلمي والطبي”، يلتقي العلم المحلي بالكفاءة العالمية في مشروع مشترك يسعى إلى إعادة تعريف العلاقة بين الجامعة ومحيطها الدولي، عبر التعاون العلمي والتقني المستدام.
ذكاء اصطناعي بقيم إنسانية
اللافت في هذه الشراكة أنها لا تتعامل مع الذكاء الاصطناعي كأداة تقنية فحسب، بل كـرافعة أخلاقية وتنموية، تستند إلى قيم البحث المسؤول والابتكار الهادف. وهو ما يتجلى في محاور الندوة المصاحبة، التي ركزت على قضايا حيوية مثل حماية المعطيات الشخصية، والأخلاقيات الحيوية، والاستخدام الذكي للتقنيات الحديثة في البحث الطبي والعلمي.
بهذا المعنى، فإن الاتفاقية تندرج في رؤية متقدمة تسعى إلى جعل الجامعة المغربية فضاءً منفتحًا على الحوار الدولي حول مستقبل الذكاء الاصطناعي، ومختبرًا حقيقيًا لتجريب الحلول الرقمية ذات البعد الإنساني.
كفاءات مغربية عابرة للحدود
إحدى النقاط المضيئة في هذا التعاون تكمن في الرهان على كفاءات مغاربة العالم، الذين يمثلون اليوم رصيدًا استراتيجيًا للمملكة في مجالات التكنولوجيا والبحث والابتكار. فالربط المؤسسي بين الجامعة وهذه الكفاءات يعزز الدبلوماسية العلمية للمغرب، ويفتح الباب أمام نقل المعرفة والخبرة من المراكز العالمية إلى الفضاء الجامعي الوطني.
اللجنة المشتركة التي ستُحدث لتتبع تنفيذ الاتفاقية تُجسد بدورها منهجية الحوكمة الرشيدة، من خلال تقييم دوري للمشاريع والنتائج، وتوجيه المبادرات نحو تحقيق أثر ملموس في تطوير برامج التكوين والبحث.
نحو جيل جديد من الجامعة المغربية
الاتفاقية تعكس التحول العميق في فلسفة الجامعة المغربية، من مؤسسة تقليدية لتلقين المعارف إلى مركز استشراف وإنتاج للمعرفة الذكية. وهي خطوة تندرج ضمن المسار الإصلاحي الأوسع الذي يروم تحديث النظام التعليمي والبحثي، عبر إدماج الرقمنة والذكاء الاصطناعي في صلب العملية الأكاديمية.
ولعلّ الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس لهذا الحدث العلمي تؤكد الأهمية التي توليها المملكة لبناء نموذج وطني للذكاء الاصطناعي المسؤول، قائم على البحث والابتكار والالتزام الأخلاقي.
خاتمة: نحو تعليم ذكي وتنمية مستدامة
تُبرهن هذه الاتفاقية على أن مستقبل الجامعة المغربية يُكتب اليوم بأدوات الذكاء الاصطناعي، ولكن أيضًا بالعقول المبدعة والشراكات الذكية. إنها خطوة نحو ترسيخ ثقافة جديدة في التعليم العالي، تقوم على العلم المتصل بالعالم، والتكنولوجيا المتصالحة مع الإنسان.